للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة، أما الجابري فقد كان مدركًا أن هذا المسلك في رفض الأحكام الشرعية ليس مجديًا، وأنه لا يمكن قبول المفاهيم الحداثية المعاصرة إلا بعد البحث عن مرجعية فقهية لها، واستنبات أصول تراثية للمفاهيم المعاصرة، ولهذا يحرص على تجاوز المفاهيم التراثية من خلال مفاهيم تراثية أخرى.

هل هذا دخول في النوايا أو إساءة ظن أو حتى تحليل واستنباط؟

أبدًا، بل هو أمر يتحدث عنه الجابري كثيرًا وبكل وضوح، ويراه ضروريًا لأي إصلاح، فهو يعترف أن قراءة التراث إنما هو طريق للبحث عن سند تاريخي للمضامين الحديثة:

(إن هذا يعني أن قراءتنا لما كان موضوعًا للتفكير أو قابلًا لأن يكون كذلك في تراثنا ستكون موجهة بالرغبة في إيجاد سند تاريخي يمكننا من تأصيل المضامين الحديثة والمعاصرة التي يحملها مفهوم الإنسان وحقوقه، تأصيلها في وعينا ومرجعياتنا) (١).

وحين شرع في البحث عن حقوق الإنسان في التراث الإسلامي قرر بوضوح أنه:

(يجب أن لا يغرب عن بالنا قط أننا موجهون في قراءتنا لنصوص تراثنا بالرغبة في تأسيس مفهوم الإنسان وحقوقه على جميع المستويات تأسيسًا يجعلها ذات جذور في تراثنا وكياننا الحضاري). (٢) فهي رؤية واضحة تبحث عن جذور للنتائج المتقررة سلفًا!


(١) الديمقراطية وحقوق الإنسان، ١٩٧.
(٢) الديمقراطية وحقوق الإنسان، ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>