للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الطريقة نابعة من واقع خبرة لدى الجابري أدرك بها أن التجديد لا يمكن أن يمر من دون أدوات تراثية:

(لا سبيل إلى التجديد والتحديث ونحن نتحدث عن العقل العربي إلا من داخل التراث نفسه وبوسائله الخاصة وإمكانياته الذاتية أولًا) (١).

ولهذا شرح سبب اهتمامه بالتراث:

(والحق أن اهتمامي بالتراث لم يكن من قبل وليس هو الآن من أجل التراث ذاته، بل هو من أجل حداثة نتطلع إليها) (٢).

وما دام أن المقصد هو توظيف الأدوات التراثية وليس الاعتماد عليها، فهو يعلن -بلا خجل- أنه في سبيل هذا الهدف فليس من المهم المحافظة على الموضوعية والصرامة العلمية:

(والمقاربة ليست من الأمور التي يطبق عليها منطق الصواب والخطأ تطبيقًا صارمًا، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بموضوعات كالتي نحن بصددها، ذلك أن موضوع المقارنة هنا ليس من نوع الحقائق العلمية، بل هو من جنس الحقائق الثورية إن جاز التعبير الحقائق التي توظفها الثورات وكل دعوات الإصلاح والتي تستمد صدقها ولنقل مصداقيتها من وظيفتها كمحرك للثورة وشعار للدعوة) (٣).

فالذي حدث، أن الجابري أراد هدم مفهوم (تطبيق الشريعة) من خلال البحث عن أصول شرعية يستطيع بها إبدال هذا المفهوم بمفهوم آخر لا ينازع المفاهيم الحداثية المعاصرة.


(١) بنية العقل العربي لمحمد عابد الجابري، ٥٦٨.
(٢) محمد عابد الجابري في المسألة الثقافية ٢٥٠، نقلًا عن الحداثيون العرب في العقود الثلاثة الأخيرة وموقفهم من القرآن للجيلاني مفتاح، ٧٠.
(٣) الديمقراطية وحقوق الإنسان، ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>