للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون من بعده، وكانت الحكومة التي أقامها الصحابة من بعده حكومة دنيوية ليست من أحكام الإسلام (١).

شذوذ هذا الرأي ونكارته أحدث ردة فعل صارمة شديدة ضده، فأصدرت هيئة كبار العلماء في مصر بتوقيع (٢٤) عالمًا، بيانًا ذكروا فيه أخطاء الكتاب البارزة، وحصروها في ٧ مخالفات ظاهرة (٢)، ثم توالت الردود العلمية، فكتب الشيخ محمد الخضر حسين: (نقض الإسلام وأصول الحكم)، وكتب الطاهر بن عاشور: (نقد علمي لكتاب الإسلام وأصول الحكم)، وألَّف محمد بخيت المطيعي رسالته: (حقيقة الإسلام وأصول الحكم)، وأرَّخ الدكتور محمد ضياء الدين الريس للتفاصيل السياسية المتعلقة بصدور الكتاب في رسالته: (الإسلام والخلافة)؛ فكانت -مع جهود علمية أخرى- سببًا في سقوط الكتاب سقوطًا مريعًا في جانبه العلمي، وكشفت عن أخطائه وسوء تصوّراته، حتى أصبحت قيمة الكتاب في حدثه التاريخي وليس في القيمة العلمية الضعيفة والمتناقضة في تقريراته.

لم يتوقف الأمر عند هذا، بل أصبح مبحث الإسلام (دين ودولة) من المباحث المركزية في الفكر الإسلامي المعاصر، فتوالت الدراسات والبحوث المؤصلة لهذا المفهوم، والمجيبة عن جميع الإشكالات والشبهات التي يثيرها أصحاب الاتجاه العَلماني، وحدَّدت الدوافع لتبني مثل هذا التفسير العَلماني للإسلام، وشارك فيها أهل العلم من جميع التخصصات المختلفة.


(١) انظر: الإسلام وأصول الحكم، ١٠٥.
(٢) هذه الأخطاء هي: جعله الإسلام رسالة روحية لا علاقة لها بالحاكم وأمور الدنيا، ومهمة الرسول مهمة بلاغ مجردة عن الحكم والتنفيذ، وأن الدين لا يمنع أن جهاد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لأجل الملك، وأن نظام الحكم في عهد الرسول كان موضع غموض، وإنكار أن القضاء وظيفة شرعية، وإنكار إجماع الصحابة على وجوب نصب إمام للأمة، وأن حكومة أبي بكر كانت حكومة لا دينية. انظر: حكم هيئة كبار العلماء، ٥ - ٦ من مطبوعات المكتبة السلفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>