للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا الأخرى، إنما وجود الدين في النظام له عدد من السلبيات هي التي دفعتهم لتبني هذه العلمنة.

فتأثير الدين على النظام السياسي والقوانين غير مقبول في العقلية العَلمانية لمرتكزين أساسين:

الأول: عدم إيمانهم أساسًا بوجود رؤية دينية قطعية صحيحة، وإنما هي كلها اجتهادات نسبية، ووجهات نظر خاصة، وفرض الدين يعني فرض رؤية خاصة، ما يعني استبدادًا باسم الدين، وعدوانًا على الآخرين بسبب فهم ضيق للدين، ولذا فهم يعتمدون على مرجعية أخرى مختلفة.

ثانيًا: أن الدولة المعاصرة دولة مدنية تعتمد على أسس من العقل والتجربة والخبرة مستقلة تمامًا عن الدين، فخضوعها للدين سيكون انتهاكًا للحريات وحقوق الأقليات والمرأة والمساواة وغيرها من منجزات الدولة المعاصرة، ويستحضرون في هذا عددًا من التجارب التاريخية والحديثة التي يرونها ملازمة للحكم بالدين.

إذا استحضرنا هذين الدافعين اللذين يدفعان نحو (علمنة النظام السياسي) بإبعاد الدين عنه، يسهل علينا أن نجيب عن سؤال:

هل يمكن لهذه العلمانية أن يكون لها شيوع وانتشار في المرحلة الحالية؟

الواقع يجيب بوضوح: نعم، وما يؤهلها للانتشار أكثر هو أن هذه العَلمانية بدأت تتسلل إلى تفكير بعض الإسلاميين، وصار (المضمون العَلماني) هذا يعبَّأ في أوعية إسلامية، فأصبح النموذج العَلماني نموذجًا متسقًا مع المفهوم الإسلامي ولا يصادم الأحكام الشرعية، بل ويُقدِّم له عددًا من النصوص والدلائل الشرعية التي تدعمه وتؤيده كما تقرِّر ذلك بعض الدراسات والمؤتمرات والمحاضرات المعاصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>