من الملفت للنظر هنا أن مبررات العلمانيين ودوافعهم لرفض الحكم بالإسلام أو التشكيك فيه أصبحت متسربة ومتداولة عند بعض الإسلاميين، فصرتَ تقرأ في أدبيات بعض الإسلاميين مثل هذه العبارات:
(عن أي شريعة تتحدثون؟ لا يمكن فرض رؤية دينية محددة، نحن لا ننكر أن التحريم والتحليل للَّه لكن هذا لا يعني أن يكون حرامًا في الدنيا، هناك فرق بين الشريعة وتطبيق الشريعة فالشريعة مقدسة وأما تطبيق الشريعة فاجتهادي، ونحن نريد تنزيه الدين وجعله مقدسًا بعيدًا عن ألاعيب السياسة وعبث المستبدين حتى لا يتحمل الدين سوء بعض أتباعه).
ونحو هذه المبررات التي تصاغ بأشكال مختلفة، وهي ذات المبررات والدوافع التي تحرك العلمانيين بالعرب، بل ستصدم حين تجد أن ما يكرره بعض الإسلاميين هنا هو عين ما يقوله العلمانيون!
وحتى تتضح إشكالية هذا النهج الجديد الذي يخطه بعض الإسلاميين، نريد أن نعود بهم قليلًا إلى حيث لحظة (علي عبد الرازق) لنضع أيدينا على مشهد الصراع الإسلامي العلماني على أي شيء كان، فهل كان (علي عبد الرازق) يريد هدم الإسلام وتدمير المسلمين والانتقام منهم؟ بالتأكيد لا، وإنما كان يقدم تصورات منحرفة في النظام السياسي.
لهذا تجد بعضهم يثني عليه: بأنه إنما أراد استنقاذ الوعي الإصلاحي والمدني بالدولة والشأن العام، وما نجح في ذلك ليس لأن طريقته ما كانت مقنعة، بل بسبب تكالب المستعمرين على ديار المسلمين وتظاهرهم بمعارضة إعادة الخلافة (١).
(١) مقدمة رضوان السيد لكتاب الإسلام وأصول الحكم، ٢١.