للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا الخطأ صدم برأيه المتسرع أمرين محكَمَين من محكَمَات الشريعة التي أجمع العلماء عليها:

المحكم الأول: أن المسلم لا يُحكَم في النظام الإسلامي بغير الإسلام أبدًا، وحتى لو اختلف مع كِتَابيٍّ فيجب الحكم بينهم بحكم الإسلام، وهو محل وفاق بين العلماء، وفيه ما لا يحصر من نقولات الإجماع، فمنها -مثلًا-:

(فأما إذا كان التحاكم بين مسلم وذمي ومعاهد وجب على الحاكم أن يحكم بينهم قولًا واحدًا -سواء كان المسلم طالبًا أو مطلوبًا- لأنهم يتجاذبان إلى الإسلام والكفر فوجب أن يكون حكم الإسلام أغلب) (١).

(واتفقوا -في ما أعلم- على أنه إذا ترافع مسلم وكافر أن على القاضي الحكم بينهم) (٢).

(وإن تحاكم مسلم وذمي وجب الحكم بينهما بغير خلاف لأنه يجب دفع ظلم كل واحد منهما عن صاحبه) (٣).

(فأما إذا تحاكم إلينا مسلم وذمي فيجب علينا الحكم بينهما لا يختلف القول فيه؛ لأنه لا يجوز للمسلم الانقياد لحكم أهل الذمة) (٤).

وغيرهم ممن نقل هذا الإجماع المحكَم (٥).

وإذا كان هذا في مسلم مع كتابي؛ فكيف إذن إن كان بين مسلمين؟


(١) الحاوي في فقه الشافعي: ٩/ ٣٠٨.
(٢) الذخيرة: ١٠/ ١١٢.
(٣) المغني: ١٠/ ١٩١.
(٤) تفسير البغوي: ٣/ ٥٩، وانظر: شرح السنة للبغوي: ١٠/ ٢٨٧.
(٥) انظر: تفسير الخازن: ٢/ ٥٥، واللباب في علوم الكتاب لابن عادل الدمشقي: ٧/ ٣٤٣، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٦/ ١٤٨، وتفسير الجلالين ١٤٤، وفتح القدير: ٢/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>