للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف حين يكون العقد مجيزًا لتعطيل الشريعة بأكملها!

ثالثًا: وحين ترفض الأكثرية تطبيق حكم الإِسلام فإن هذا التفسير يحترم لهذه الأكثرية إرادتها ويسلِّم لها ما تريد، وهذا لازم شنيع يتحاشى كثيرًا الحديث عنه، وإن كان قد التزم به آخرون، فجعلوا النظام السياسي الإِسلامي بهذا يقوم على اعتبار أقوام قد حكم اللَّه على من فعل دون فعلهم بالكفر، فمن يستنكف عن التحاكم إلى الشريعة كافر بنص القرآن؛ فكيف بمن يرفض الشريعة كلها {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤]؟

وقد يقال هنا بأن الأكثرية إذا رفضت الحكم بالشريعة فلا يكون بإمكانك أن تحكم بالشريعة؟ وجوابه: أن الواجب متعلق بالقدرة والاستطاعة، فإذا لم يتمكن المسلمون من الحكم بالشريعة فهم معذورون، وهو شيء خارج عن موضوعنا. غير أنَّ أصحاب هذا التفسير يرفضون الحكم بالشريعة على خلاف رغبة الأكثرية لأنَّ هذا ينافي حريَّة الاعتقاد وحق الاختيار ويؤسس للنزاع والخلاف، وهو ما يعني أن حديثهم متجه إلى تطبيق الشريعة في وضع الاستطاعة والقدرة، فلما اعترض عليهم بخطورة مثل هذا الرأي استدلوا بوضع الضرورة!

وهاهنا مغالطة كبيرة لابد من الوقوف عندها قليلًا، وهي تصوير التصويت الذي يجري في النظام الديمقراطي حين يغلب طرف طرفًا وكأن الطرف الغالب هو رأي الأكثرية التي لا يمكن إكراهها أو فرض ما يخالفها إلا بحرب وفتنة، وأنهم حين يرفضون الإِسلام فالأولى دعوتهم للإسلام لأن المشكلة حينئذٍ من الناس؛ فالمغالطة هنا ظاهرة لأن سقوط الشريعة في التصويت لا يعني رفض الناس للشريعة، بل إن في الدستور من الصياغات القانونية ما لا يفقهه أكثر الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>