الإِسلامي، وهي ورطة لا يمكن أن يتخلص منها من خلال هذه الديمقراطية الملفقة، فإذا استطعت أن تصل إلى حكم الإِسلام من خلال الديمقراطية فإنك لن تستطيع أن تمنع الآخرين من رفض الإِسلام ونقد حكمه، أو المطالبة بإزالة مادته من الدستور، فوجود المادة في الدستور لا يمنع من نقدها وأحقية المطالبة بإزالتها وهو حق تكفله النظم المعاصرة لكونه ينسجم مع ثقافتها لكنه لا يمكن أن يكون مقبولًا في النظام السياسي الإسلامي.
ثامنا: إذا كانت الديمقراطية ليست سوى وسائل إجرائية لحفظ الحقوق وتقييد صلاحية السلطة ومراقبة أدائها، فإن القول بأن الأكثرية حين تريد غير حكم الشريعة فلها الحق في ذلك يشكك في الموضوع برمَّته؛ فالتمسك برأي الأكثرية حتى ولو رفضت الإِسلام يجعل الموضوع ليس إجرائيًا فحسب، بل فلسفة عميقة تقوم على مبادئ ومنطلقات منافية للشريعة، فالنشاط الفكري الذي يسعى إلى (أسلمة) الديمقراطية بجعلها مجرد أشكال إجرائية يسقط في الامتحان سريعًا حين يتمسَّك برأي الأكثرية حتى ولو خالفت الشريعة؛ فهذا لا يمكن أن يكون مجرد إجراء.
تاسعا: حقيقة الإشكال ليست مع المشاركة في العملية الديمقراطية لتحقيق أرجح المصلحتين ودرء أشد المفسدتين؛ فهذه حالة اجتهادية تقديرية يُسلَك فيها ما يكون أنفع للإسلام والمسلمين، إنما الإشكال هو في التصور الفاسد الذي سبق الحديث عنه وهو أمر خارج عن المشاركة ومختلف عن ظروف الحاجة؛ فالضرورة والحاجة لا تدفع المسلم إلى الرجوع للمفاهيم بالتحريف والتأويل لأن لها أحكامها الخاصة.