للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كَسَر أيَّ استغلالٍ لنظريته في المقاصد بأن قرَّر بكل وضوح: (أنَّ من أخذ بالجزئي معرضًا عن كليِّه فهو مخطئ، كذلك من أخذ بالكلي معرضًا عن جزئيه) (١). فلا مكان لنظريته المقاصدية لمنطق نسف الجزئيات تمسكًا بالمقاصد.

ثمَّ صعد بالدليل الجزئي لأعلى درجات الأهمية والاحتياط حين جعل ثبوته كافيًا لجعله أصلًا برأسه: فـ (كلُّ دليل شرعي يمكن أخذه كليًا وسواء علينا أكان كليًا أم جزئيًا إلا ما خصَّه الدليل) (٢).

واتباع الهوى: مزلق خطر ينحرف بالشريعة عن أصل وضعها؛ فـ: (المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبدًا للَّه اختيارًا كما هو عبد اللَّه اضطرارًا) (٣).

وتفريعًا على هذا الأصل شدد الشاطبي على حرمة اتباع رخص الفقهاء في الأقوال الفقهية لأن: (تتبع الرخص ميلٌ مع أهواء النفوس والشرع جاء بالنهي عن اتباع الهوى فهذا مضاد لذلك الأصل المتفق عليه) (٤).

وأوجب على المفتي أن يختار للمستفتي أرجح القولين، ولا يفتيه بجميع القولين معًا حتى لا يكون هذا سببًا لاتباع الهوى في الأحكام: (فإِنه إذا أفتى بالقولين معًا على التخيير فقد أفتى في النازلة بالإِباحة وإطلاق العنان وهو قول ثالث خارج عن القولين) (٥).


(١) الموافقات: ٣/ ٨.
(٢) الموافقات: ٣/ ٤٥.
(٣) الموافقات: ٢/ ٤٦٩.
(٤) الموافقات: ٤/ ٥١١.
(٥) الموافقات: ٤/ ٥٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>