للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهم قواعد المقاصد الشرعية أن لا يرد بها الأحكام الجزئية، فإذا ثبت نص شرعي أو حكم فقهي فلا يجوز أن ينقض أو يتجاوز بدعوى أنه مخالف لقاعدة مقاصدية فهذا باطل لا علاقة له بعلم المقاصد (فإن ما يخرم قاعدة شرعية أو حكمًا شرعيًا ليس بحقٍّ في نفسه) (١).

وإذا كانت المقاصد الشرعية تقوم على ضرورة اعتبار الكليات فإنها تقوم على اعتبار الجزئيات كذلك (كما أنَّ من أخذ بالجزئي معرضًا عن كليه فهو مخطئ، كذلك من أخذ بالكلي معرضًا عن جزئيه) (٢).

فالمقاصد الشرعية تعتمد على تفاصيل الأحكام الجزئية، تقوم عليها، ولا تنكرها، بل حتى ولو وجد تعارض بين قاعدة مقاصدية وحكم جزئي تفصيلي فإن المنهج الصحيح في ذلك ليس إنكار الجزئي بل (إذا ثبت بالاستقراء قاعدة كليَّة ثم أتى النص على جزئي يخالف القاعدة بوجه من وجوه المخالفة فلا بدَّ من الجمع في النظر بينهما) (٣).

فإذا وصل الأمر إلى حصول تعارض بين (الكليات) و (الفروع) فهذا يستدعي الجمع بينهما لأهمية كلٍّ من الكليات والفروع التفصيلية، وهو شيء لا يفهمه (مقاصديو النفوس) حيث ينكرون النصوص والأحكام الشرعية ثمَّ يبحثون بعد هذا عن الطريقة المقاصدية المناسبة لرفض مثل هذه الأحكام!

لقد كان الشاطبي مدركًا غاية الإدراك خطورة استعمال المقاصد من غير


(١) الموافقات للشاطبي: ٢/ ٥٥٦.
(٢) الموافقات: ٣/ ٨.
(٣) الموافقات: ٣/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>