للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤهلين، ولأجله منعهم من موافقاته وجعلهم في حرج من قراءتها أو الاستفادة منها (لا يسمح للناظر في هذا الكتاب أن ينظر فيه نظر مفيد أو مستفيد حتى يكون ريَّان من علم الشريعة أصولها وفروعها معقولها ومنقولها) (١).

كما أطال الحديث عن ضرورة العناية بالجزئيات، وأن المقاصد لا تقوم إلا عليها، وهذا كله لإدراكه أن طبيعة المقاصد وما فيها من كليات عامة تستدعي دخول غير المؤهلين واستغلال بعض المنحرفين مما يؤدي إلى تعطيل الشريعة، وهذا ما دعا بعض المنحرفين الذين يفهمون حقيقة المقاصد الشرعية أن يسمي المقاصد بأنها تبرير للأحكام الشرعية ليس إلا، وقد صدق، فالمقاصد ليست إلا بحثًا عن فلسفة لقواعد وعلل للشريعة من خلال الأحكام والنصوص، فاذا وجد نصٌّ مخالف فان المقاصد تعدل في الفلسفة حتى تدخل هذا الحكم لا أن تلغيه لمخالفته للمقاصد.

إن دعوتهم للأخذ بالمقاصد لإسقاط بعض الأحكام الشرعية تؤدي إلى نسف الشريعة بكاملها، وتعطيل كافة أحكامها، وإسقاط قطعياتها وضرورياتها، وليس عسيرًا على أي أحد أن ينفي أي حكم شرعي ويربط ذلك بمقاصد عُلْيا، وقد مارس المعاصرون في ذلك من ألوان العدوان على الأحكام الشرعية ما لا يحصيه إلا اللَّه؛ فـ (الحدود الشرعية) منافية لمقصد الشريعة في الرحمة وإشاعة الأمن، و (حدِّ الردة) منافٍ لمقصد الشريعة في التسامح والحرية، و (الحجاب) منافٍ لتكريم المرأة و (كلُّ فتوى بتحريم أي حكم) تنافي مقصد الشريعة في التيسير ورفع الحرج و (الحكم بكفر من لم يؤمن برسالة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- يتعارض مع مقصد


(١) الموافقات: ١/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>