للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إرساله رحمة للعالمين و (حرمة الربا) أو (منع المحرمات) يؤدي إلى حصول حرج ومشقة تنافي مقصد الشريعة!

ولأجل ذلك كان شيخ الإسلام ابن تيمية بصيرًا بأمر عموميات المقاصد حين قال: (من استحلَّ أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلًا من غير اتباع لما أنزل اللَّه فهو كافر) (١). فهذه المقاصد الكلية تتسم بالعمومية المطلقة التي تشترك فيها عامة الاتجاهات، فاختصاص الشريعة إنما يكون بتفصيل هذه المقاصد وشرحها وتقييدها فإذا ألغى الإنسان الاعتبار بهذا لم يكن قد أخذ من الشريعة بشيء.

وهكذا تغيب أحكام الشريعة الجزئية بسبب مخالفتها لـ (مقاصد النفوس) كما يسميها بعض الفضلاء؛ فهي مقاصد لما تريده نفوسهم وما يتوافق مع أهوائهم جعلوها قواعد كلية تحاكَم إليها النصوص والأحكام الفقهية، وتلك النفوس تكاد تحصر مقاصدها في الجانب الدنيوي المحض، وهو ما يختلف تمامًا عن المقاصد الشرعية المستفادة من نصوص الكتاب والسنة التي تدلك على أن (الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية) (٢).

بل إن المصالح الدنيوية تابعة للمصالح الأخروية فـ (المصلح المجتلبة شرعًا والمفاسد المستدفعة إنما تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للحياة الأخرى، لا من حيث أهواءُ النفوس في جلب مصالحها العادية أو درء مفاسدها العادية) (٣).

وإذا كان إشاعة علم المقاصد الشرعية ضروريًا في مرحلة ما لشيوع التعصب


(١) منهاج السنة النبوية: ٥/ ١٣٠.
(٢) الموافقات: ٢/ ٣٥٠.
(٣) الموافقات: ٢/ ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>