يتتابع الحوار والجدل فيها، فتتبع كلام جميع الأطراف مهم لمعرفة الحق كاملًا، وحين تختلط فيه الموضوعات فمن الضروري أن تفرد الموضوعات وتفصَّل لتتضح الصورة كاملة.
ومن خلال متابعة لمثل هذه الحوارات يمكن لي أن أفصِّلها إلى الملفَّات التالية:
الملف الأل: أخلاقيات وآداب الحوار: كالأدب مع المخالف وتجنُّب الإساءة اللفظية الموجهة إليه، والعدل في أي أحكام يصدرها الشخص ضد أي أحد، وترك التنقيب عن الخفايا والمقاصد التي لا يعلمها إلا اللَّه، وغير ذلك مما يدخل كله في قيمة (الخُلُق) الذي أعلت الشريعة مقامه لمرتبة الأصول الكلية التي يجب التواصي والصبر عليها، وهي وصية اللَّه لعباده {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[الإسراء: ٥٣] وهو خلق محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا بذيئًا ولا طعَّانًا ولا لغَانًا، ولطالما انتهكت ساحة هذا الخلق العظيم وحصل فيها من التجاوزات ما يصل كثير منه إلى المنكرات التي يجب الاحتساب عليها، وقد تقع هذه الإساءات في قضايا فقهية اجتهادية قابلة للنظر والخلاف، وهذا يتطلب ضرورة أن يمرن المسلم نفسه ويعوِّدها ويأطرها على ضبط النفس وكظم الغيظ والصبر والحلم.
هذه الأخلاقيات ملف يجب أن ينفك عن موضوع الصواب والخطأ في البحث الفقهي والفكري؛ فالمحاور الذي تكون عبارته جافة أو نابية لا يعني أن ما يقوله باطل، والمحاور الذي يكون في قمة الذوق والأدب لا يقدم رأيًا صحيحًا بالضرورة، فيجب أن لا تكون (أخلاقيات الحوار) هي الحاكمة على (سلامة الأفكار).
الملف الثانى: تأثيم المجتهد وتفسيقه وإسقاط عدالته أو الحكم عليه بالعقاب الأُخرَوي، وهو يبحث في سؤال تراثي كبير عن (أثر خطأ المجتهد) هل يكون سببًا