للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لفسقه أو كفره أو إسقاط عدالته، وثَمَّ آراء ومذاهب شتى، أرى أن خير من حرَّرها وجمع أطرافها شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد أطال فيها النفس وناقش كافة الأقوال في مجموع الفتاوى وخلص فيه إلى أنَّ "المجتهد المسؤول من إمام وحاكم وعالم وناظر ومفتٍ وغير ذلك إذا اجتهد واستدل فاتقى اللَّه ما استطاع، كان هذا هو الذي كلفه اللَّه إياه، وهو مطيع للَّه مستحق للثواب إذا اتقاه ما استطاع ولا يعاقبه اللَّه البتة" (١).

هذه الرؤية المعتدلة تجعل الشخص يتجه إلى المسألة نفسها فيحكم عليها ويوضح مدى موافقتها للكتاب والسنة، وأما الحكم على القائل بالإثم والفسق والكفر فهذا باب آخر؛ فالبحث الفقهي يتجه الى المسألة وبيانها، وأما الحكم على الأشخاص فموضوع مختلف، وهذا الاشتباك بينهما هو الذي يجعل بعض الناس يتحرز عن بعض المسائل أو يقبل بها لأنه يتصور أن رفضها يعني تأثيم وتفسيق القائل بها، كما أن بعض الناس يتجه لنفسيق المجتهدين لأنه يرى أنهم أباحوا أمرًا من المحرمات، وينزاح الستار عن كلا الرؤيتين حين يتمايز في نظر الإنسان (الحكم على المسألة) عن (الحكم على المخالف).

الملف الثالث: الإنكار في مسائل الخلاف، وهذه مسألة فقهية شهيرة قد اتجهت أنظار الفقهاء فيها إلى مذاهب شهيرة، أقواها -بلا شك- جعل (الإنكار) متعلقًا بالنص الشرعي؛ فكلما بعد (الخلاف الفقهي) عن النص كان أقرب للإنكار؛ لأن الشريعة جاءت بمعاني (المعروف) و (المنكر)، وهذه المفاهبم إنما يحددها النص ولسى خلاف العلماء، ووجود الخلاف لا يمنع من الإنكار بالحكمة وبحسب درجاته، فموضوع (الإنكار) متعلق بتطبيق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


(١) مجموع الفتاوى: ١٩/ ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>