الحقيقة السادسة: قيام الدنيا على الابتلاء والتمحيص؛ فمن سنَّة اللَّه أن يجري على أهل الإيمان الابتلاء والاختبار:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ}[البقرة: ٢١٤]، وقد بيَّن اللَّه حكمة هذه السنَّة الربانية:{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران: ١٧٩]، فقضية الإيمان ليست مسائل عقلية تُفهَم أو لا تُفهَم، بل تحتاج النفوس مع ذلك إلى اختبار وامتحان ليظهر الثبات والصبر وتقديم مراد اللَّه، وهذه معانٍ شرعية عظيمة هي أسمى بكثير من مجرد فهم الدليل أو عدم فهمه، ولذلك يتكرر في القرآن وصف المؤمنين بالتزكية والثبات والإخبات والانقياد وهو ما يعني أن الإيمان ليس فهمًا للدليل بل خضوع وانقياد وتسليم للَّه رب العالمين، وهو ما تأنف عنه كثير من النفوس ولا يكفي فهمها للدليل لتصل لهذه المنزلة.
ما الذي نخلص إليه بعد استحضار هذه الحقائق القرآنية؟
نخلص إلى أن موضوع الإيمان ليس قضية عقلية صرفة، تتوقف على مدى قدرتنا على تقديم خطاب عقلاني مذهل، وأن كثرة المعادين للإسلام وعلوَّ أصواتهم ليس ناتجًا بالضرورة عن ضعف الدليل العقلي الذي يسمعونه من