للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المفاهيم الشرعية الثابتة ويبحث لها عما يجعلها هي الأصل؛ فإن هذه عملية انقلاب كاملة للمنهج الإسلامي.

الثالث: مخالفة فقه الضرورات، القائم على التأكد أولًا من وجود الضرورة والاستثناء، وبعدها يكون حا لها على منهجية (الضرورات تقدَّر بقدرها)، فتكون خاصة في المكان أو الزمان المعينين، ومن ثَمَّ فلن تعمم على جميع المجتمعات، ولن تبقى دائمًا، بل لا بد من إصلاح الوضع لإزالة هذا الحكم الاستثنائي.

الرابع: إضافة مفاهيم ومعان جديدة إلى الشريعة؛ لأن الشخص يعامل الضرورات كالأحكام الثابتة فيدرج مفاهيم الضرورة لتكون جزءًا من أحكام الشريعة ومقاصدها، فيُدخِل في نسيج الفقه الإسلامي أحكامًا لم تكن معروفة من قبل؛ لأنها روعيت في حالة الضرورة حتى أصبحت أصلًا، ومن آثار هذا أن أصبح بعض المفكرين الإسلاميين حين يفسر بعض الآيات القرآنية يعرض معناها على قولين، قول كافة المتقدمين في مقابل قول بعض المعاصرين! فأصبح ثمَّ تغيُّر وتحوُّل في المفاهيم الشرعية، حتى أصبحت الشريعة مفرَّغة من أي إلزام أو منع أو إكراه لا ترضى عنه الحريات المعاصرة، ولو رجعت بالقراءة قليلًا (قرنًا أو قرنين) فإنك ستلحظ أن مثل هذه التفسيرات معدومة تمامًا في أي مواقع فقهية سابقة؛ لأنها باختصار مفاهيم دخلت من بوابة الضرورة فصارت جزءًا من نسيج الفقه الإسلامي.

هل هذا يعني أن يتمسك الشخص بالأصل دائمًا ولا يلتفت للمتغيرات المعاصرة؟

كلا، فالمتغيرات الهائلة والنوازل المتلاحقة تتطلب اجتهادًا وبحثًا ودراسة

<<  <  ج: ص:  >  >>