الورع التقي شيخ الحنابلة ومرجعهم وإمام الفرضيين ومسندهم، ولد بدمشق في صفر سنة حمس ومائتين وألف، ونشأ في حجر والده في صيانة ورفاهية، وتوفي والده في سنة ١٢١٨ فأخذ في طلب العلم، وأدرك الشمس محمد الكزبري والشهاب أحمد العطار فأخذ عنهما، وتفقه على الشيخ مصطفى السيوطي والشيخ غنّام النجدي، وحضر في الفرائض والنحو على الشيخ عبد الله الكردي، وقرأ على الشيخ عبد الرحمن الكزبري والشيخ حامد العطار والشيخ عبد الرحمن الطيبي والشيخ يحيى المصالحي وملا علي أفندي السويدي والشيخ خليل الخشة، وأخذ حديث الأولية عن الشيخ عمر المجتهد، وأخذ عن غيرهم بدمشق، ورحل إلى بغداد سنة ١٢٢٦ فأخذ عن مشايخ أجلهم الشيخ محمد البكيري، وأخذ عن مشايخ الحجاز سنة ١٢٣٢ من أجلهم الشيخ محمد طاهر الكوراني. وألّف صاحب الترجمة المؤلفات النافعة منها (منحة مولى الفتح في تجريد زوائد الغاية والشرح) أي غاية الشيخ مرعي الكرمي وشرح شيخه السيوطي مجلد كبير، و (النثار على الإظهار) مجلد و (مختصر شرح العقيدة) للسفاريني مجلد، و (بسط الراحة لتناول المساحة)، و (شرح على رساله في أنْ المصدرية)، و (شرح على الكافي في العروض والقوافي)، و (شرح على حزب النواوي)، ومنسك كبير ومعراج، ومولد وعقيدة، وثبت، و (رسالة في البسملة)، و (رسالة في فسخ النكاح)، وكان صاحب الترجمة متبحرًا في العلوم متخليًا بحلي المنطوق والمفهوم خدم مذهب الإمام أحمد بن حنبل الخدمة التامة فكان حامل لوائه، وانتهى إليه علم الفرائض فكان محيي رمته. وكان شأنه العلم والعبادة وكسبه كأسلافه الصالحين من التجارة الخالصة، ولمزيد ورعه لم يعهد له مداخلة في أمور الحكومة حتى تولّت مريدوه المناصب العلمية وهم خاضعون لفضله، ولا اشتغالٌ بأعمال الفرضيين مع انفراده بها في عصره حتى ندب لذلك جماعة من تلامذته، فأخذوا