المفسر المحدث الفقيه الأصولي الفرضي الحيسوبي الميقاتي الفلكي العالم العلامة النقي نادرة زمانه، ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين وألف بقصبة دوما ونشأ على تقى وطاعة، ثم بعد أن اشتدت قواه رحل إلى دمشق للطلب، فلازم الشيخ حسن الشطي للاشتغال بالفقه وغيره، فقرأ عليه (دليل الطالب) وشرحه و (شرح زاد المستفتح) و (شرح المنتهى) و (شرح الاقناع) مع مراجعة (شرح الغاية) للسيوطي، وقرأ عليه في الفرائض (شرح الرحبية) للشنشوري، وفي العربية كتاب الشيخ خالد و (شرح الأزهرية) وشرحي (القطر) للمصنف والفاكهي وشرحي (الألفية) لإبن عقيل والأشموني، وفي الأصول (شرح مختصر التحرير) وحضر عليه أيضًا في المعاني والبيان والبديع والحساب والجبر والمقابلة وغير ذلك، ولازمه الملازمة التامة وخدمه الخدمة الصادقة وانتفع به انتفاعًا كثيرًا وبه تخرج، وأخذ أيضًا عن الشيخ سعيد الحلبي وعمر الغزي والشيخ محمد الجوخدار، أكثر قراءاته كانت في التفسير والحديث والفقه والنحو، وأما المعاني والبيان والبديع فقرأ فيها كتابًا واحدًا، وأما المنطق فقرأ فيه الفناري وقول أحمد، وقرأ من بقية العلوم، وقد أتقن صاحب الترجمة فن التشريح والميقات أخذًا عن الشيخ حسن الشطي، ثم رجع إلا دوما واستقام بها مدة طويلة وحصّل جاهًا واسعًا وشهرة عظيمة، وكان مهيبًا جسورًا فاضلًا حافظًا للقرآن العظيم لا يفتر لسانه من تلاوته، وسافر إلى مصر وأقام نحو ستة أشهر، وأجازه علماء الأزهر إذ ذاك منهم الشيخ إبراهيم السقا والشيخ مصطفى المبلط وأضرابهما، ثم عاد إلا بلده واستقر بها إمامًا وخطيبًا ومدرسًا في جامعها الكبير، كما سبق لأبيه وجده قبله.
ولم يزل يقرئ ويفيد إلا أن حصل له فتنة عظيمة من أهالي بلده، فآذوه وتكلموا فيه بما لا يليق بمنصب العلم، فرحل إلا دمشق واستوطنها، وهجر دوما وخذل الله أعداءه ودمرهم.