قال أبوه: والله ما صنعت شيئاً. فبات ليلته يدور حواليها. قيل له: اجعله في الضأن. فمكث يومه فيها حتى إذا أمسى أراحها فجاءت أمامه وجاء خلفها، فلما بلغت المراح ودنا أبوه يسمع، فإذا هو يقول: أخزاها الله، وقد أخزاها، من باعها خير ممن اشتراها، لا ترفع إذا ارتفعت ولا تروى إذا شربت، أخزاها الله لا تهتدي طريقاً، ولا تعرف صديقاً، أخزاها الله لا تطيع راعياً، ولا تسمع داعياً. ثم سقط ليلته لا يتحرك، فلما أصبح قال أبوه: أخرج بها. فمضى حتى بعد عن الحي وأشرف على الوادي فحثا في وجهها التراب، فارتدت، وجعل يقول: حجرٌ في حجر حجر، لا مدر هبهاب، لحم وإهاب، للطير والذئاب. فلما رأى أبوه ذلك منه وكان يرغب به عن النساء والشعر وأبى أن يدع ذلك، فأخرجه عنه، فخرج مراغماً لأبيه، فكان يسير في العرب يطلب الصيد والغزل، حتى قتل أبوه حجر، قتله عوف بن ربيعة بن عامر بن سوار بن مالك بن ثعلبة ابن دودان بن أسد بن خزيمة، فرجع امرؤ القيس إلى قومه، وله حديث يطول.
[فصل آخر:]
قال الفرزدق: إن امرأ القيس صحب عمه شرحبيل قتيل الكلاب، وكان شرحبيل مسترضعاً في بني