فإنَّ الأصمعيَّ كان ينكره ويقول: إنّه مولَّدٌ، وكان أبو زيدٍ يستشهد به ويثبته.
فيقول: طال الأبد على لبدٍ! لقد نسيت ما قلت في الدار الفانية، فما الذي أنكر منه؟ فيقول: زعم الأصمعيُّ أنَّه لا يقال أرعد وأبرق في الوعيد ولا في السّحاب.
فيقول: إنَّ ذلك لخطأٌ من القول، وإنَّ هذا البيت لم يقله إلاّ رجلٌ من جذم الفصاحة، إما أنا وإمَّا سواي، فخذ به وأعرض عن قول السُّفهاء.
ويسأل عن المرقِّش الأكبر، فإذا هو به في أطباق العذاب، فيقول: خفَّف الله عنك أيُّها الشَّاب المغتصب، فلم أزل في الدار العاجلة حزيناً لما أصابك به الرّجل الغفُليُّ، أحد بني غفيلة ابن قاسطٍ، فعليه بهلة الله! وإنّ قوماً من أهل الإسلام كانوا يستزرون بقصيدتك الميميَّة التي أوّلها:
هل بالدّيار أن تجيب صمم ... لو كان حيّاً ناطقاً كلَّم
وإنّها عندي لمن المفردات، وكان يعض الأدباء يرى أنَّها والميميَّة التي قالها المرقَّش الأصغر ناقصتان عن القصائد المُفضَّليَّات، ولقد وهم صاحب هذه المقالة.
وبعض النّاس يروي هذا الشّعر لك:
تخيّرت من نعمان عود أراكةٍ،
لهندٍ، ولكن من يبلغه هندا؟
خليلي َّجوراً بارك الله فيكما،
وإن لم تكن هندٌ لأرضكما قصدا
وقولا لها: ليس الضّلال أجارنا
ولكننَّا جُرنا لنلقاكم عمدا ولم أجدها في ديوانك، فهل ما حُكي صحيحٌ عنك؟ فيقول: لقد قلت أشياء كثيرةً، منها ما نُقل إليكم ومنها ما لم يُنقل، وقد يجوز أن أكون قلت هذه الأبيات ولكني سرفتها لطول الأبد، ولعلَّك تنكر أنّها في هندٍ، وأنَّ صاحبتي أسماء، فلا تنفر من ذلك، فقد ينتقل المُشبِّب من الاسم إلى الاسم، ويكون في بعض عُمره مُستهتراً بشخصٍ من النّاس، ثمّ ينصرف إلى شخصٍ