على ما أذكر أنَّ رجلاً من بعض ولدك يعرف بإبن دريد أنشد هذا الشعر، وكانت روايته: وزال بشاشة الوجه المليح فقال: أوَّل ما قال: أقوى.
وكان في المجلس أو سعيد السِّيرافيُّ فقال: يجوز أن يكون قال: وزال بشاشة الوجه المليح بنصب بشاشة على التَّمييز، وبحذف التَّنوين لإلتقاء السّاكنين، كما قال:
عمرو الذي هشم الثَّريد لقومه
ورجال مكَّة مسنتون عجاف قلت أنا: هذا الوجه الذي قاله أبو سعيدٍ شرٌّ من إقواء عشر مراتٍ في القصيدة الواحدة.
فيقول آدم، صلّى الله عليه: أعزز عليَّ بكم معشر أبينيَّ! إنّكم في الضَّلالة متهوِّكون! آليت ما نطقت هذا النّظيم، ولا نطق في عصري، وإنَّما نظمه بعض الفارغين، فلا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله! كذبتم علىخالقكم وربَّكم، ثمَّ على آدم أبيكم، ثمَّ على حوُّاء أمِّكم، وكذب بعضكم على بعض، ومآلكم في ذلك الأرض.
[ذات الصفا]
ثمّ يضرب سائراً في الفردوس فإذا هو بروضة مؤنقةٍ، وإذا هو بحيَّاتٍ يلعبن ويتماقلن، يتخاففن ويتثاقلن، فيقول: لا إله إلاّ الله! وما تصنع حيّةٌ في الجنّة؟ فينطقها الله، جلَّت عظمته، بعدما ألهمها المعرفة بهاجس الخلد فتقول، أما سمعت في عمرك بذات الصَّفاء، الوافية لصاحبٍ ما وفى؟ كانت تنزل بواد خصيب، ما زمنها في العيشة بقصيب، وكانت تصنع إليه الجميل في ورد الظاهرة والغب، وليس من كفر للمؤمن بسبٍّ فلمّا ثمَّر بودِّها ماله، وأمل أن يجتذب آماله، ذكر عندها ثاره، وأراد أن يفتقر آثاره، وأكبّ على فآسٍ معملةٍ، يحدُّ غرابها للآملة، ووقف للسّاعية على صخرةٍ، وهمَّ أن ينتقم منها