بأخرةٍ، وكان أخوه ممَّن قتلته، جاهرته في الحادثة أو قيل ختلته، فضربها ضربةً، وأهون بالمقر شربةً، إذا الرَّجل أحسَّ التَّلف، وفقد من الأنيس الخلف! فلمَّا وقيت ضربة فأسه، والحقد يمسك بأنفاسه، ندم على ما صنع أشدَّ النّدم، ومن له في الجدة بالعدم؟ فقال للحيّة مخادعاً، ولم يكن بما كتم صادعاً: هل لك أن نكون خلَّين، ونحفظ العهد إليَّن؟ ودعاها بالسفه إلى حلف، وقد سُقي من الغدر بخلف. فقالت: لا أفعل وإن طال الدَّهر، وكم قصم بالغير ظهرٌ! إنِّي أجدك فاجراً مسحوراً، لم تأل في خُلَّتك حوراً؛ تأبى لي صكَّةٌ فوق الرأس، مارستها أبأس مراسٍ، ويمنعك من أربك قبرٌ محفور، والأعمال الصّالحة لها وفور.
وقد وصف ذلك نابغة بني ذبيان فقال:
وإنِّي لألقى من ذوي الضِّغن منهم،
وما أصبحت تشكو من البثّ ساهره
كما لقيت ذات الصَّفا من خليلها،
وكانت تديه المال غباً وظاهره
فلمّا رأى أن ثمر الله ماله،
فأصبح مسروراً، وسدَّ مفاقره
أكبَّ على فأسٍ يحدُّ غرابها
مذكَّرةٍ، من المعاول، باترة
وقام على جحرٍ لها فوق صخرةٍ،
ليقتلها، أو تخطىء الكفُّ بادره
فلمّا وقاها الله ضربة فأسه
وللبرِّ عينٌ لا تغمِّض ناظره
فقال: تعالي نجعل الله بيننا
على مالنا، أو تنجزي لي آخره
فقالت: معاذ الله أفعل إننّي
رأيتك مسحوراً يمينك فاجره
أبى لي قبرٌ لا يزال مقابلي،
وضربة فأسٍ فوق رأسي فاقره وتقول حيّةٌ أخرى: إنّي كنت أسكن في دار الحسن البصريِّ فيتلو القرآن