للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:

[الندامى]

ما أرجِّي بالعيش بعد ندامى ... كلُّهم قد سقوا بكأس حلاق

فيقال: إنّك لتعرِّف صاحبك بأمرٍ لا معرفة عندنا به، ما النّحويّون؟ وما الاستشهاد؟ وما هذا الهذيان؟ نحن خزنة النَّار، فبيِّن غرضك تُجب إليه.

فيقول: أريد المعروف بمهلهلٍ التَّغلبيِّ، أخي كُليب وائلٍ الذي كان يضرب به المثل.

فيقال: ها هو ذا يسمع حوارك، فقل ماتشاء.

فيقول: يا عديَّ بن ربيعة، أعزز عليَّ بولوجك هذا المؤلج! لو لم آسف عليك إلا لأجل قصيدتك التي أوَّلها:

أليلتنا بذي حسمٍ أنيري ... إذا أنت انقضيت فلا تحوري

لكانت جديرةً أن تطيل الأسف عليك، وقد كنت إذا أنشدت أبياتك في ابنتك المزوَّجة في جنب تغرورق من الحزن عيناي، فأخبرني لِمَ سُمَّيت مهلهلاً؟ فقد قيل: إنّك سُمَّيت بذلك لأنَّك أوَّل من هلهل الشِّعر أيّ رقَّقه.

فيقول: إنَّ الكذب لكثيرٌ، وإنَّما كان لي أخٌ يقال له امرؤ القيس فأغار علينا زهيربن جنابٍ الكلبيُّ، فتبعه أخي في زرافةٍ من قومه، فقال في ذلك:

لما توقَّل في الكراع هجينهم ... هلهلت أثار مالكاً أو صنبلا

وكأنَّه بازٌ علته كبرةٌ ... يهدي بشكَّته الرَّعيل الأوَّلا

هلهلت: أي قاربت، ويقال: توقَّفت، يعني بالهجين زهير بن جنابٍ. فسمَّي مهلهلاً فلمَّاهلك شبَّهت به فقيل لي: مهلهل. فيقول: الآن شفيت صدري بحقيقة اليقين.

فأخبرني عن هذا البيت الذي يروى لك:

أرعدوا ساعة الهياج وأبرق ... نا كما توعد الفحول الفحولا

<<  <   >  >>