فيقال إنه أنكره عليه، وهذه أخبار لا تثبت. وفيما روي في كتاب سيبويه أن النون يجمع على نينان، فهذا نقض للخبر.
وذكر من نقل أخبار بشار أنه توعد سيبويه بالهجاء، وأنه تلافاه واستشهد بشعره. ويجوز أن يكون استشهاده به على نحو ما يذكره المتذاكرون في المجالس ومجامع القوم. وأصحاب بشارٍ يروون له هذا البيت:
وما كل ذي لبٍ بمؤيتك نصحه، ... وما كل مؤتٍ نصحه بلبيب
وفي كتاب سيبويه نصف هذا البيت الآخر، وهو في باب الإدغام لم يسم قائله. وزعم غيره أنه لأبي الأسود الدؤلي.
ويقال: إن يعقوب بن داود وزير المهدي تحامل بشار حتى قتل، واختلف في سنه: فقيل كان يومئذ ابن ثمانين سنة، وقيل أكثر، والله العالم بحقيقة الأمر.
ولا أحكم عليه بأنه من أهل النار، وإنما ذكرت ما ذكرت فيما تقدم لأني عقدته بمشيئة الله، وإن الله لحليم وهاب.
وذكر صاحب كتاب الورقة جماعة من الشعراء في طبقة أبي نواس ومن قبله، ووصفهم بالزندقة، وسرائر الناس مغيبة، وإنما يعلم، بها علام الغيوب. وكانت تلك الحال تكتم في ذلك الزمان خوفاً من السيف، فالآن ظهر نجيث القوم، وانغاصت التريكة عن أخبث رأل.
وكان في ذلك العصر رجل له أصدقاء من الشيعة وصديق زنديق، فدعا المتشيعة في بعض الأيام، فجاء الزنديق فقرع حلقة الباب وقال:
أصبحت جم بلابل الصدر، ... متقسم الأشجان والفكر
فقال صاحب المنزل: ويحك! مم ذا؟ فتركه الزنديق ومضى، فلقيه صاحب المأدبة فقال له: يا هذا، أردت أن توقعني فيما أكره (خوفاً من أن يظن