للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هؤلاء، فإنه لا يقتنع بالإمامة ولا النبوة. ولكنه يرتفع صعداً في الكذب، ويكون شربه من تحت العذب (أي الطُّحلب.) ولم تكن العرب في الجاهلية تقدم على هذه العظائم، والأمور غير النظائم. بل كانت عقولهم تجنح إلى رأي الحكماء. وما سلف من كتب القدماء. إذ كان أكثر الفلاسفة لا يقولون بنبي، وينظرون إلى من زعم ذلك بعين الغبي.

وكان ربيعة بن أمية بن خلفٍ الجمحي، جرى له مع أبي بكر الصديق، رحمة الله عليه، خطب، فلحق بالروم، ويروى أنه قال:

لحقت بأرض الروم غير مفكرٍ ... بترك صلاة من عشاء ولا ظهرِ

فلا تتركوني من صبوح مدامةٍ ... فما حرم الله السلاف من الخمرِ

إذا أمرت تيم بن مرة فيكم ... فلا خير في أرض الحجاز ولا مصرِ

فإن يك إسلامي هو الحق والهدى ... فإني قد خليته لأبي بكرِ

وافتن الناس في الضلالة حتى استجازوا دعوى الربوبية، فكان ذلك تنطساً في الكفر، وجمعاً للمعصية في المزاد الوفر. وإنما كان أهل الجاهلية يدفعون النبوة ولا يجاوزون ذلك إلى سواه.

ولما أجلى عمر بن الخطاب، رحمة الله عليه، أهل الذمة عن جزيرة العرب، شق ذلك على الجالين، فيقال إن رجلاً من يهود خيبر يعرف بسمير بن أدكن قال في ذلك:

يصول أبو حفصٍ علينا بدرةٍ ... رويدك إن المرء يطفو ويرسب

كأنك لم تتبع حمولة ماقطٍ ... لتشبع، إن الزاد شيء محبب

فلو كان موسى صادقاً ما ظهرتم ... علينا ولكن دولة ثم تذهب

ونحن سبقناكم إلى المين فاعرفوا ... لنا رتبة البادي الذي هو أكذب

<<  <   >  >>