وشمول تحسب العين، إذا ... صفّقت، جندعها نور الذُّبح
مثل ريح المسك ذاكٍ ريحها، ... صبّها الساقي إذا قيل: توح
من زقاق التَّجر، في باطيةٍ ... جونةٍ، حاريّةٍ ذات روح
ذات غورٍ، ما تبالي يومها، ... غرف الإبريق منها والقدح
وإذا ما الرَّاح فيها أزبدت ... أفل الإزباد عنها، فمصح
وإذا مكوكها صادمه ... جانباها، كرَّ فيها فسبح
فترامت بزجاجٍ معملٍ ... يخلف النَّازح منها ما نزح
وإذا غاضت رفعنا زقّنا ... طلق الأوداج فيها فانسفح
ولو أنَّه أسلم، لجاز أن يكون بيننا في هذا المجلس، فينشدنا غريب الأوزان، ممّا نظم في دار الأحزان، ويحدّثنا حديثه مع هوذة بني عليّ، وعامر بن الطُّفيل، ويزيد بن مسهر وعلقمة بن علائة، وسلامة بن ذي فائش، وغيرهم ممّن مدحه أو هجاه، وخافه في الزمن أو رجاه.
ثمّ إنّه، أدام الله تمكينه، يخطر له حديث شيءٍ كان يسمَّى النُّزهة في الدار الفانية، فيركب نجيباً من نجب الجنّة خلق من ياقوتٍ ودرٍّ، في سجسجٍ بعد عن الحرّ والقرّ، ومعه إناء فيهج، فيسير في الجنَّة على غير منهج، ومعه شيءٌ من طعام الخلود، ذخر لوالد سعد أو مولودٍ، فإذا رأى نجيبه يملع بين كثبان العنبر، وضيمرانٍ وصل بصعبرٍ، رفع صوته متمثَّلاً بقول البكريّ:
ليت شعري متى تخبُّ بنا النَّا ... قة نحو العذيب فالصّيبون
محقباً زكرةً، وخبز رقاقٍ، ... وحباقاً، وقطعةً من نون