للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن لقي رجلاً يدعى أخنس، فكأنّما لقي هزبراً تبهنس. يقول: ما يؤمنني أن يكون كأخنس بني زهرةٍ فرّ بحلفائه عن وفر، وطرحت القتلى في الجفر؟! وإن استقبل من يولع بذلك أعفر، فإنّه ينتظر أن يعفرَّ، وإن بصر بالأدماء. أيقن بسفك الدّماء، وإنّ جبهه ذيّال، فكأنّه الهصور العيّال؛ يقول: ما؟ أقربني من إذالةٍ، تبطل كلام العدّالة؟! وإن آنس نعامةً بقفرٍ، وهو مع الرّكب السّفر، فما يأخذها من النعيم، ويجعلها بالهلكة مثل الزّعيم. يقول، من الفند العيّ: أوّلها نعى وإنمّا ذلك من النعَّيّ. وإن عنّ له في الخرق ظليم، فذلك العذاب الأليم. يقول: ليت شعري من الذي يظلمني. أيأخذ نشبي أم يكلمني؟ وإن نظر إلى عصفورٍ، قال: عصف من الحوادث بوفورٍ، فهو طول أبده في عناء، ولا بد له من الفناء.

ولهذه الطوّية جعل ابن الرّومي جعفراً من الجوع والفرار ولو هدي صرفه إلى النهر الجرار، لأن الجعفر النّهر الكثير الماء، ولكنّ إخوان هذه الخليقة، لا يحملون الأشياء الواردة على الحقيقة.

وأراد بعضهم السَّفر في أولّ السنَّة فقال: إن سافرت في المحرم، كنت جديراً أن أحرم، وإن رحلت في صفر، خشيت على يدي أن تصفر، فأخّر سفره إلى شهر ربيعٍ، فلمّا سافر مرض ولم يحظ بطائل، فقال: ظننته من ربيع الرَّياض، فإذا هو من ربع الأمراض.

وأمّا إعداده الماء المثلوج فتعلّة، وما ينفع بالحيل غلة، وتقريبه الخنجر تحرّر من جبان، وتنقض الأقضية وما بنى البان؛ ورب رجلٍ يحتفر له قبراً بالشام، ثمّ يجشمه القدر بعيد الإجشام، فيموت باليمن أو الهند، والحتف بالغائرة والفند: " ما تدري نفس بأبي أرض تموت، إن الله عليم خبير ".

وكما أنَّ النفَّس جهلت مدفن عظامها، فهي الجاهلة بالقاطع

<<  <   >  >>