الأمّة كيف افتنت في الضّلالة، كافتنان الرّبيع في إخراج الأكلاء، والوحش الرّائعة الأطلاء!؟ وللكذب سوق ليست للصدّق، تجعل الأسدّ من أبناء الفرق.
وأمّا الذي ذكره نم بلوغ السِّنِّ، فإن الله، سبحانه، خلق مقراً وشهداً، ورغبة في العاجلة وزهداً، وإذا اللّبيب أنعم النّظر، لم ير الحياة إلىّ تجذبه إلى الضَّير، وتحث جسده على السيَّر؛ فالمقيم كأخي ارتحال، لا تثبت الأقضية به على حال: صبح يتبسّم وإمساء، لا يلبث معهما النَّساء، كأنّهما سيدا ضراء والعمر ثلّة في اقتراء، وهما على السّارح يغيران، فيفنيان السّائمة ويبيران.
وإن كان، مكنَّ الله وطأة الأدب ببقائه، قد أماط الشبيبة فإنما أنفقها في طلب علومٍ وآداب، صيرَّ طلابها ألزم دابٍ، ولو كان لها على الحيّ تلبث، كان لها بنفسه النفّيسة تشبث، ولكنها بعض الأعراض، لا تشعر بحياة وانقراض.
وإذا كنّا على ذمِّ هذه المنزلة مجمعين، ولقراقها مزمعين، فلم نأسف على نأي الخوّانة؟ إن الأشاءة لمن العوانة، والأشاءة النخّلة الصغيرة، والعوانة النخّلة الطوّيلة ومتى اخلص قرين الغفلة توبةً، فإنّها لا تترك حوبةّ، تغسل ذنوبه غسل النّاسكة جزيز الفرار، في متدفق سحاب مدرار، كثر فيه القهل والدَّنس، فأحبَّ رحضه الأنس، وكان قد أخذ عن أثباج غنمٍ بيض، تفوق ما يرتع من الربيض، فعاد وكأنه كافور الطيّب، أو ما ضحك من كافورٍ رطيب، والكافور: الطّلع، وقيل هو وعاء الطَّلعة.
فأمّا الغانيات بعد السبّعن، فالأشيب لديهن كالعاسل يباكر العين، وقد حكي أنّ أبا عمرو بن العلاء كان يخضب، فاشتكى في بعض الأيام، فعاده بعض أصحابه، فال: تقوم إن شاء