أهل النَّار، أعني قوله تعالى:" ونادى أصحاب النَّار أصحاب الجنَّة أن أقبضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم الله، قالوا إنَّ الله حرَّمهما علىالكافرين ".
فيقول: إنِّي لاأسألك في شيءٍ من ذلك، ولكن أسألك عن خبرٍ تخبرينه: إنَّ الخمر حرِّمت عليكم في الدُّنيا وأحلَّت لكم في الآخرة، فهل يفعل أهل الجنَّة بالولدان المخلَّدين فعل أهل القريات؟ فيقول: عليك البهلة؟! أما شغلك ما أنت فيه؟ أما سمعت قوله تعلى:" ولهم فيها أزواجٌ مطهَّرةٌ وهم فيه خالدون "؟ فيقول: وإنَّ في الجنَّة لأشربةً كثيرةً غير الخمر، فما فعل بشَّار بن بردٍ؟ فإنَّ له عندي يداً ليست لغيره من ولد آدم: كان يفضِّلني دون الشعراء، وهو القائل:؟ إبليس أفضل من أبيكم آدمٍ فتبيَّنوا يا معشر الأشرار
النّار عنصره، وآدم طينةٌ، ... والطِّين لا يسمو سموَّ النّار
لقد قال الحقَّ، ولم يزل قائله من الممقوتين.
فلا يسكت من كلامه، إلاَّ ورجلٌ في أصناف العذاب يغمِّض عينيه حتى لا ينظر إلى ما نزل به من النِّقم، فيفتحها الزَّبانية بكلاليب من نارٍ، وإذا هو بشَّار بن بردٍ قد أعطي عينين بعد الكمه، لينظر إلى ما نزل به من النَّكال.
فيقول له، أعلى الله درجته: يا أبا معاذٍ، لقد أحسنت في مقالك، وأسأت في معتقدك، ولقد كنت في الدّ؟ ار العاجلة أذكر بعض قولك فأترحِّم عليك، ظنَّا نَّ التَوبة ستلحقك، مثل قولك:
ارجع إلى سكنٍ تعيش به ... ذهب الزَّمان وأنت منفرد
ترجو غداً، وغدٌ كحاملةٍ ... في الحيِّ لا يدرون ما تلد؟!