للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كانت البداية ثلاثة كتب على نحو ما رجحنا، ثم توالت بقية الاختيارات بعد رحيله من همذان، ولو كان الأمر كما تصوره هذه الروايات وليد صدفة لما واصل أبو تمام عمله في صنع هذه الكتب، ولاكتفى صنعه نتيجة للظروف التي عاشها في همذان، ولكن الذي حدث كان غير هذا، فقد واصل أبو تمام اختياراته من شعر العرب حتى بلغت ستة كتب، ثم أضاف إليها ما صنعه من نقاضئض جرير والأخطل.

٢ - رواية أبي تمام للحماسة:

وإذا كنا قد رجحنا أن يكون أبو تمام قد صنع بهمذان ثلاثة اختيارات منها كتاب الحماسة، فإن هذا يدفعنا إلى البحث في الطريق الذي أخذ به العلماء كتاب الحماسة، فلقد كان المألوف لدى العلماء في ذلك الزمن وقبله أن يأخذوا الكتب من أصحابها بالسماع أو القراءة عليهم أو الإجازة منهم في روايتها. غير أن الخبر الذي ساقه التبريزي في مقدمة شرحه يشير إلى أن تام قد ترك كتاب الحماسة في خزائن آل سلمة، حيث بقي عندهم، يضنون به، ولا يكادون يبرزونه لأحد حتى تغيرت أحوالهم، وورد همذان رجل من أهل دينور يعرف بأبي العواذل فظفر به وحمله إلى أصبهان فأقبل أدباؤهم عليه ورفضوا ما عداه من الكتب المصنفة في معناه، فشهر فيه ثم فيمن يليهم.

ولم ينقل أبو العواذل الكتب ذاتها التي وجدها عند آل سلمة، وإنما نسخها على نحو ما بينت الرواية التي وجدناها في مقدمة الشرح المرجح نسبته إلى زيد بن علي الفارسي، غير أن ظاهر الروايتين معًا يفيد بأن أهل أصبهان لم يأخذوا كتاب الحماسة مسندًا إلى أبي تمام، وإنما أخذوه كتابًا منسوخًا من نسخة كتبها أبو تمام أو من نسخة نقلت مما خطه بيده على نحو ما سنوضحه فيما بعد.

وفي إدراكي أن هذه النتيجة التي خرجنا بها من هاتين الروايتين تحتاج إلى توجيه،

<<  <   >  >>