رأينا فيما سبق أن شرح الشعر بعامة قد تحول من غاية تثقيفية إلى غاية تعليمية هدفها مدّ التلاميذ - من خلال النص المشروح - بمعلومات جمة تتصل بعلوم اللغة والنحو والصرف والبلاغة والرواية والأخبار التاريخية وتفسير الأعلام. ورأينا أيضًا أن شراح الشعر كانوا وثيقي الصلة بما خلفه شيوخهم أو شيوخ شيوخهم من مادة علمية شملت العناصر المختلفة التي يقوم عليها الشرح، ثم رأينا أن هؤلاء الشراح لم يقفوا عند حد النقل من شيوخهم بل كانت لهم جهودهم في الشرح بالإضافة والتعديل والتوجيه أحيانًا، وبالنقد والاعتراض أحيانًا أخرى، وأخيرًا رأينا أن شروح الحماسة عندما بدأت في الظهور تأثرت بكل هذا الذي ذكرناه، كما تحكمت فيها نزعات الشراح المتباينة وقدراتهم المتفاوتة في معالجة عناصر الشرح، كل حسب ميوله وباعه الذي يجعل عنصرًا من عناصر الشرح يطغى على سائر العناصر الأخرى.
وطبيعي - والحال كما ذكرنا - أن تختلف مناهج شراح الحماسة وطرائقهم في الشرح وإن كانت في غلبتها ذات غاية واحدة هي تلك الغاية التعليمية التي تحول إليها شراح الشعر كما وضحنا.
إن الدكتور أحمد جمال العمري قد حدد في بحثه " شروح الشعر الجاهلي" ثلاثة مناهج متوالية لشراح الشعر الجاهلي أولها المنهج الالتزامي النقلي وقد شرحه بأنه منهج يلتزم فيه صاحبه بآراء السلف وأقوالهم معتمدًا رواياتهم وتفسيراتهم في جميع النواحي، ويقوم أساسًا على السماع والرواية والنقل، يجمع أقوال السابقين على