للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لغة القرآن ومعانيه، وهذا واضح من قول رأس المفسرين عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - الذي جاء فيه: "إذا قرأتم شيئًا من كتاب الله فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب، فإن الشعر ديوان العرب"، وكان - رضي الله عنه - عارفًا بالشعر وما يتصل به من أخبار يفسره في دقة متناهية وإحاطة تامة، سأله أعرابي ذات يوم عن ذي الحلم الوارد في بيت المتلمس:

لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وما علم الإنسان إلا ليعلما

فأجابه: " ذاك عمرو بن حممة الدوسي، قضى على العرب ثلاثمائة سنة فكبر فألزموه السابع من ولده، فكان معه، فكان الشيخ إذا غفل كانت بينه وبينه أن تقرع العصا حتى يعاوده عقله، وذلك قول المتلمس اليشكري من بكر بن وائل: "لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا".

وصحبت هذه العناية الناتجة عن الحاجة إلى فهم القرآن عناية أخرى من القبائل بعد الفتوحات واستقرار بعضها في الأمصار الجديدة، قال ابن سلام: "فلما راجعت العرب رواية الشعر وذكر أيامها ومآثرها استقل بعض العشائر شعر شعرائهم وأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار فقالوا على ألسن شعرائهم".

ولا يهمنا هنا ما أثاره ابن سلام من قضية تتصل بوضع الشعر ونحله، ولكن الذي يهمنا أن حركة مراجعة للشعر قد قامت من هذه العشائر، وأنه من الطبيعي أن تصحب هذه المراجعة حركة لشرح الوقائع التي قيل فيها الشعر والأخبار التي تتصل به والشخصيات التي تدور حوله، بل وشرح ألفاظ لغته ومعانيه.

ومما لا شك فيه أنه كان في هذه القبائل رجال عالمون بالشعر، مدركون لمعانيه، حافظون لأخباره والوقائع التي قيل فيها، فهذا شيخ رواة البصرة أبو عمرو ابن العلاء يقول عن بيت امرئ القيس الذي مر بنا في موضع سابق:

<<  <   >  >>