فأما الجواب عن الذي قالوه من أنه يلزم أن ينسب إلى الساكت مذهبًا فذلك لا يضرنا، إذا الساكت على ضربين: ساكت في معنى الناطق وهو أن يكون سيأخذ حصره بالدين مختصا فلا ينكره ولا يغيره فذلك ينسب إليه القوله به حتما بما قلناه في الصحابة إذا سكتوا على حادثة قائلة يُنسب إليهم من ذلك جوابا أو مذهبا فإذا أشبه هذا بأن طريقة إمامنا فيما رواه وارتضاه مذهبا ثبتا.
جواب ثان: وهو إنا نقول كل شيء سكت عنه نسبناه إليه لا غير ذلك.
وأما الجواب عن الذي قالوه من أن الخبر قد يرويه، فإذا سئل عنه يبين فيه عما يوجبه نطقه فذلك باطل، إذ بهذا بعينه ينقلب في احتجاجه بالخبر قدر مما سئل عنه فقال: لا أقول به، ويجيب بجواب مطلق فإذا سئل عنه ترك بعضه وأخذ ببعضه، وكل لا ينفي كون المذهب مهما أقام على إطلاقه فكذلك في الأخبار سيان.
وأما عن حديث سهل بن سعد وغيره لم ينسب إليه مذهبا به فذلك لا يتضرر إذ كل منقول عنه ترك الأخذ بها، وقد بيّن في حديث سهل أنه لم يعمل عليه لأنه قد قابله ما منع من المصير إليه، وكذلك في حديث الرقى بيّن أنه جائز الاسترقاء، وأن الخبر مُتأول، فما كان من الأخبار عنه فيها التنكر رددناها، وما لم ينقل عنه فيها نكير قبلناها، وإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.
وأما الجواب عن الذي قالوه من أنه لو جاز أن ينسب إليه مذهبا لروايته الأثر لأسقط مذهبه بالأثر، فذلك فاسد إذا ما ثبت عنه فيه الجواب ثبت أنه في بابه أصلا لم يجز لنا إدخال سنة عليه فور أن هذا أن يكون عنه في الحادثة