فيها قبل أن تبرد؟ قال: مكروه، قلت: حرام؟ قال: لا، إنما قلت مكروه.
عصروا ذلك بالاستدلال وشهادة الأثر والنظر. فالأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم كره أن يأتي الرجل أهله طروقا. وذلك مستحب. ومن ذلك حديث علي: أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، ولا تقرأ وأنت راكع أو ساجد، ولا تصل عاقصا. والفعل لا يؤثر فسادا، فكانت الكراهية استحبابا.
قالوا وأيضا: فقد ثبت وتقرر أن لفظة يكره حث على التوقي لا غير ذلك. ألا ترى أنهم يقولون نكره هذا يريدون التوقي لذلك.
ومن ذلك قال: فرض وحتم إذا تركه ويقولون مكروه ومستحب أن لا يفعل فأقر وكل هذا استحباب، فإذا ثبت هذا الإطلاق في الجواب بأمر الكراهية استحبابا. وهذا كله فلا وجه له فالدليل على صحته ما ذكرناه ظاهر ونظر، فالظاهر كتاب وسنة: فمن الكتاب قوله تعالى: {ولكن كره الله انبعاثهم} الآية. وإطلاق الكراهية يؤذن بإيقاع الفرض والحتم. ومن السنة ما ذكرناه من الأخبار حديث علي وجابر. ومن ذلك حديث مالك بن أنس عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال، وإضاعة المال. وحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن القزع للصبيان فكرهه.
وأنبأنا أبو زيد قال ثنا ابن محمد قال محمد بن إسماعيل البخاري قال: ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن الحسين عن