الروايتين إذا كانتا متكافئتين إنهما جميعا يقران ثم ينظر إلى ما أوجبه الدليل منهما، فإذا ثبت هذا كان كذلك في الروايتين إذا أثبتنا أن نقر كل واحدة على موجبها، ولا يثبتا بعضها على بعض ولا يسقط لأحمد رضي الله عنه قول.
وهذا كله فلا وجه له، والدليل على أنه يبنى الأعم على الأخص هو أنا وجدنا الأصول التي قدمناها عن أبي عبد الله رحمة الله عليه في جوابه وفتواه كل مرتب على أصول الشريعة في الأوامر، وما كان له دخل في الشريعة، فإذا ثبت هذا وكان في الشريعة وسها مستقرة على بينة الأعم على الأخص، وما أطلق على ما قيد وجبب أن يكون في جوابات إمامنا أن يبنى ما أطلق منها على ما ثبت من التقييد.
ومن أدل الأشياء أنا وجدنا كلام الفقهاء إلى كلام صاحب الشريعة مردود أن يبنى الأعم على الأخص، فكان كذلك في جوابات العلماء.
وأيضا فإن الفقيه قد يطلق جوابه في مكان اكتفاءا بما ثبت من جواباته بالتقييد والتفسير، وإذا كان هذا تفعله العلماء اكتفاءا ما ذكرناه سالما.
ومن أدل الأشياء ما قد ثبت وتقرر أن الروايات إذا كانت في مسألة واحدة، فكذلك بمثابة الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في القضاء الواحد ومن حيث ثبت في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنها إذا اجتمعت رتب خاصها على عامها واحد بالمفسرات فيها وجب أن يكون ما ذكرناه في جوابات إمامنا، وإن كان في مواضع بمثابة كلامع معا في حاو واحد فيما قدمنا في كتاب الأصول غنية وبالله التوفيق.
فأما الجواب عن الذي قالوه من الروايات وإنا نقر كل رواية على ما وردت فنحن لا نأبى ذلك ولا نقول إن ما روي لا يروى بل قلنا إن أمر الروايات يقر كما ترتبت، والأولى يبنى الأعم على الأخص، وليس هذا إلا بمثابة جوابنا في الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنا نقر كل خبر على ما ورد ونجمع بين الأخبار في الاستعمال فنعلق الحكم بالأخص دون الأعم