وهو لا يعلم أفاسد هو أم سالم، إذ الجواب لا يحل إلا يقين علم وصحة برهان ولا يجوز أيضا أن يكون شيئا لا علم له به إلا ويوقع البيان فيه، فإن بطل هذا القسم أيضا مع القسم الذي قبله لم يبق إلا القسم الأول، وأنه إنما اقتصر في جوابه عليه لأنه كاف وأن الفاعل له مصيب، فإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.
ومن أدل الأشياء أن أبا عبد الله رضي الله عنه كل جواباته يجب الإعتماد فيها على متابعة من نطق، وحكاية لذلك بثمر لنا أنه جواب كاف هو متوثق، فإذا ثبت كان ما ذكرناه كافيا.
فأما الجواب عن الذي قالوه من الروايات عن أبي عبد الله رضي الله عنه في الطهارة وأمر المسألة في السعاية، فذلك لنا إذ كل مسألة تفاوتها من جهته بيان موجب نقلنا عن جوابه بمقالة غيره ألا ترى إلى ما نقله حنبل وغيره عن أبي عبد الله في الطهارة وأنها مرتبة على مخرج الكتاب وأنه إذا توضأ، ولم يرتب كان وضوءه باطلا. وكذلك نقل عنه في الوضوء بالماء المستعمل أنه لا يباح الوضوء به.
ومن ذلك نقل ابن منصور عنه وغيره في أمر السعاية وأنه غير قائل بها وأن أم ولد النصراني إذا ثبت إسلامها يمنع منها وأخذناه بنفقتها، فإذا مات عتقت، فإنما تثبت عنده هذه الروايات أذنت فإن أمر جواباته بالحكاية عن غيره فما بينه لا يلتفت إليه ونحن لا نأبأ هذا وأن يكون عنه في مكان شيئا ورد عنه في مكان عنده بيان خاف مكتسب ضد ما قاله، فإننا ندع ذلك من حيث وجود نص من جهته، فإذا ثبت كل ما يرد من جوابه في هذا الأصل ما قارنه بيانه ضربا إلى موجبه، وسالم يرد من جهته الييان كان مستحقا به الأخذ وقطع الجواب.
وأما الجواب عن الذي ذكرناه بعد هذا من أن الإنسان قد يحكي ما لا مذهب له فيه فنحن لا نأبأ ذلك إلا إن لم يجز حكايته على هذا الحد له طريق