(١) (تعليق الشاملة): ما بين المعقوفين زيادة في رواية ابن السكن وكريمة ونسخة الصغاني، ولم تثبت في رواية أبي ذر والأصيلي، وهو ما رجحه الحميدي وأبو مسعود وابن حجر والمزي. قال ابن حجر في فتح الباري (١/ ٥٤٢): وقع في رواية ابن السكن وكَرِيمَة وغيرهما، وكذا ثبت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفَرَبْرِي التي بخطه زيادة توضح المراد وتفصح بأن الضمير يعود على قتلته وهم أهل الشام، ولفظه: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم … "، الحديث. واعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في "الجمع"، وقال: إن البخاري لم يذكرها أصلًا. وكذا قال أبو مسعود. قال الحميدي: ولعلها لم تقع للبخاري، أو وقعت فحذفها عمدًا. قال: وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث. قلت: ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدًا، وذلك لنكتة خفية، وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي ﷺ فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة، والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري، وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد … فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة، وفيه: فقال أبو سعيد: فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله ﷺ أنه قال: "يا ابن سمية، تقتلك الفئة الباغية". انتهى. وابن سمية هو عمار وسمية اسم أمه، وهذا الإسناد على شرط مسلم، وقد عين أبو سعيد مَن حدثه بذلك، ففي مسلم والنسائي من طريق أبي سلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: حدثني من هو خير مني، أبو قتادة … فذكره، فاقتصر البخاري على القدر الذي سمعه أبو سعيد من النبي ﷺ دون غيره، وهذا دال على دقة فهمه وتبحره في الاطلاع على علل الأحاديث، وقال المزي في تحفة الأشراف (٣/ ٤٢٧): (خ) حَديث: قال لي ابن عَباس ولابنه عليَ: انطلقا إلى أَبي سَعيد فاسمعا منه حَديثه … الحَديث حتى أتى على ذكر بناء المسجد … الحَديث … إلى أَن قال: ويح عمَّار يدعوهم إلى الجنَّة ويدعونه إلى النار. قال: يقول عمَّار: أعوذ بالله من الفتن. خ: في الصلاة (٤٤٧) عن مسدَّد، عن عبد العزيز بن المختار. وفي الجهاد (٢٨١٢) عن إِبراهيم بن موسى، عن عبد الوهاب الثقفي، كلاهما عن خالدٍ الحذَّاء، عنه به، وليس فيه: "تقتل عمَّارًا الفئة الباغية"، وقال أبو بكر الخلال في "المنتخب من العلل" (١٣١): أخبرنا إسماعيل الصفار قال: سمعت أبا أمية محمد بن إبراهيم يقول: سمعت في حلقة أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبي خيثمة، والمعيطي، وذكروا: "تقتل عمارا الفئة الباغية". فقالوا: ما فيه حديث صحيح. سمعت عبد الله بن إبراهيم قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روي في عمار: "تقتله الفئة الباغية" ثمانية وعشرون حديثا، ليس فيها حديث صحيح. وقال ابن رجب في فتح الباري (٣/ ٣٠٩): وقد اختلف في حديث: (تقتل عمار الفئة الباغية)، فذكر الخلال في كتاب (العلل): ثنا إسماعيل الصفار: سمعت أبا أمية الطرسوسي يقول: سمعت في حلقة أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبي خيثمة والمعيطي ذكروا: (تقتل عمار الفئة الباغية)، فقالوا: ما هي حديث صحيح. قال الخلال: وسمعت عبد الله بن إبراهيم يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روي في عمار: (تقتله الفئة الباغية) ثمانية وعشرون حديثا، ليس فيها حديث صحيح. وهذا الإسناد غير معروف، وقد روي عن أحمد خلاف هذا: قال يعقوب بن شيبة السدوسي في (مسند عمار) من (مسنده): سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث النبي ﷺ في عمار: (تقتلك الفئة الباغية) فقال أحمد: كما قال رسول الله ﷺ: (قتلته الفئة الباغية). وقال: في هذا غير حديث صحيح، عن النبي ﷺ، وكره أن يتكلم في هذا بأكثر من هذا. وقال الحاكم في (تاريخ نيسابور): سمعت أبا عيسى محمد بن عيسى العارض - وأثنى عليه - يقول: سمعت صالح بن محمد الحافظ - يعني: جزرة - يقول: سمعت يحيى بن معين وعلي بن المديني يصححان حديث الحسن، عن أمه، عن أم سلمة: (تقتل عمارا الفئة الباغية).