للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في الهمزة الثانية (كالياء الساكنة) لا ينبغي أن نفهم منه أن همزة بين بين تكون ساكنة بل لابد من تحريكها، وإنما أراد أنها تجعل بين الهمزة والياء التي هي حرف مد كما أن المضمومة إذا سهلت تجعل بين الهمزة والواو (١) التي هي حرف مد، فالساكنة هنا وصف للياء المشبهة بها لا للهمزة الملينة؛ ويدل على صحة ذلك أن أصل هذه الهمزة الكسر فإذا سهلت بين بين فقد غيرت تغييرًا يخصها في ذاتها فلو سكنت لكان إسكانها تغييرًا ثانيًا يلحقها في صفتها العارضة لها وهو غير التغيير الأول ولا تلازم بين هذين التغييرين، وإِذا كان كذلك لم يلزم من حصول أحدهما حصول الآخر فلو أرادهما معًا لنص عليهما وهو لم يرد إلا التغيير الأول خاصة؛ ويدل على صحة هذا أيضًا أن همزة بين بين لا تسكن عند الحذاق من النحويين وجلة المقرئين.

وهذا موجود من كلام الحافظ وغيره، ولهذا لم تسهل قط الهمزة التي أصلها السكون بين بين وإنما تسهل بالبدل الخالص، وأيضًا فلو سكنت مع التسهيل لأدى ذلك إلى التقاء الساكنين في كل موضع يكون بعد الهمزة الثانية حرف ساكن نحو {هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ} (٢) و {مِنَ وَرَآءِ إِسْحَقَ} (٣) و {لَا أبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ} (٤) وهو قبيح؛ إِذ (٥) لم يكن الأول حرف مد والثاني مدغمًا كما تقدم في باب الإِدغام الكبير.

فإن قيل: فقد ذكر عن ورش وقنبل إبدال هذه الهمزة ياء خالصة


(١) في (ت) (والياء) وهو تحريف والصواب ما في الأصل و (ز) و (س).
(٢) جزء من الآية: ٣١ البقرة.
(٣) جزء من الآية:٧١ هود.
(٤) جزء من الآية: ٥٥ الأحزاب.
(٥) في الأصل (إذا) وهو تحريف والصواب ما في باقي النسخ ولذا أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>