فاعلم أن هذا التشبيه ينبغي أن يكون بألف التأنيث خاصة، لا بألف المنقلبة عن الياء، طردًا لمذهب سيبويه في تشبيه الشيء بما هو أقرب إليه شبهًا، كما شبه الفعل المضارع باسم الفاعل، ولم يشبهه بالإسم المنكر مطلقًا على ما هو محكم في كتابه ومفسر في موضعه (١) وكذا قال الحافظ في المفردات حين ذكر أن الكسائي يميل هذه الهاء في الوقف فقال: (تشبيهًا منه لها بإمالة ألف التأنيث) ووجه الشبه بين هذه الهاء وألف التأنيث في أنهما زائدتان (١) وأنهما للتأنيث، وأنهما من مخرج واحد، وأنهما ساكنتان، وأنهما مفتوح ما قبلهما، وأنهما حرفان خفيان، قد يحتاج كل واحد منهما أن يبين بغيره، كما بينوا ألف الندبة في الوقف بالهاء بعده في نحو (وازيداه) وبينوا هاء الإضمار بالواو والياء نحو (ضربه زيد) و (مربه زيد) على ما هو محكم في موضعه، ومع هذا فإن الألف قد تبدل هاء كما قال الشاعر:
الله نجاك بكفي مسلمه ... من بعدما وبعدما وبعدمه
أرادوا (وبعدما) وعلى هذا قال بعض النحويين أن الهاء في (مهمى) بدل من ألف؛ إِذ الأصل عند هذا القائل (ما ما) فاستثقل اجتماع الأمثال فأبدلوا من الألف الأولى هاء، وقد اشتمل هذا الكلام على أوجه من الشبه الخاص بالألف والهاء اللتين للتأنيث، وعلى أوجه من الشبه العام بين الهاء والألف مطلقًا وإن كانتا لغير التأنيث؛
فإِذا تقرر اتفاق الألف والهاء على الجملة، وزادت هذه الهاء التي
(١) في الأصل (اثريات) وهو تحريف والصواب ما في باقي النسخ ولذا أثبته.