للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يصح التنظير بين الآيتين والله أعلم.


= التعوذ المأمور به يكون بعد إرادة القراءة وقبل القراءة على أصل الفاء. كما في الإقناع جـ ١ ص ٩, ١٠.
وقيل: في الآية تقديم وتأخير لأن كل فعلين تقاربا في المعنى جاز تقديم أيهما شئت كما في قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} أي فتدلى ثم دنى ومثله {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}.
وقالت طائفة من القراء وغيرهم: يتعوذ بعد القراءة واستدلوا بظاهر سياق الآية {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} وقالوا: التعوذ: المراد منه: دفع الإعجاب عن القارئ بعد فراغه من التلاوة.
وحكى عن بعضهم أن الإستعاذة تكون أولا وآخرا، وذلك جميعا بين الأدلة.
انظر: تفسير ابن كثير جـ ١ ص ١٣.
قلت: (المشهور والصحيح إن شاء الله تعالى هو الذى عليه الجمهور أن التعوذ إنما شرع قبل القراءة لابعدها والدليل على ذلك ما رواه الإِمام أحمد بسنده المتصل عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام الليل فاستفتح الصلاة وكبر، قال: "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" ثم يقول: "لا إله إلا الله ثلاثا ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم") وهذا نص صريح. وأما الذين زعموا أن الإستعاذة تكون بعد القراءة مستدلين بظاهر سياق الآية فنرد عليهم بأن الآية قد تطرقها الإحتمال، والنص إذا تطرقه الإحتمال بطل به الإستدلال.
والحديث المروى عن أبي سعيد قد رجح أحد هذه المحتملات فوجب الأخذ به. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>