للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلبه تفرد الرب سبحانه وتعالى بالأزلية غاب بها عن الطلب لتيقنه فراغ الرب تعالى من المقادير وسبق الأزل وثبوت حكمها هناك فيتخلص من المحن التي تعرض له دون القصود ويتخلص أيضًا من تعريجه والتفاته وحبس مطيته على طرق الأسباب التي يتوسل بها إلى المطالب، وهذا ليس على إطلاقه فإن مدارج الوسائل قسمان: وسائل موصلة إلى عين الرضى فالتعريج على مدارجها معرفة وعملًا وحالًا وإيثارًا هو محض العبودية ولكن لا يجعل تعريجه كله على مدارجها بحيث ينسى بها الغاية التي هي وسائل إليها، وأما تخلصه من تكاليف الحمايات فهو تخلصه من طلب ما حماه الله تعالى عنه قدرًا فلا يتكلف طلبه وقد حمي عنه ووجه آخر: وهو أن يتخلص بمشاهدة سبق الأزلية من تكاليف احترازاته وشدة احتمائه من المكاره لعلمه بسبق الأزل بما كتب له منها فلا فائدة في تكلف الاحتماء نعم يحتمي مما نهى عنه وما لا ينفعه في طريقه ولا يعينه على الوصول» (١).والثقة بالله تعالى لها صور متعددة في حياة المسلم يمكن من خلالها تحقيق هذه الثقة، ومن أبرز نماذج ذلك:


(١) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي ٢/ ١٤٥.

<<  <   >  >>