قال ابن حجر رحمه الله:«قوله فليعزم المسألة في رواية أحمد عن إسماعيل المذكور الدعاء ومعنى الأمر بالعزم الجد فيه وأن يجزم بوقوع مطلوبة، ولا يعلق ذلك بمشيئة الله تعالى وإن كان مأموراً في جميع ما يريد فعله أن يعلقه بمشيئة الله تعالى، وقيل معنى العزم أن يحسن الظن بالله في الإجابة قوله ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني، ومن رواية العلاء ليعزم وليعظم الرغبة ومعنى قوله ليعظم الرغبة أي يبالغ في ذلك بتكرار الدعاء والإلحاح فيه ويحتمل أن يراد به الأمر بطلب الشيء العظيم الكثير، والمراد أن الذي يحتاج إلى التعليق بالمشيئة ما إذا كان المطلوب منه يتأتى إكراهه على الشيء فيخفف الأمر عليه ويعلم بأنه لا يطلب منه ذلك الشيء إلا برضاه، وأما الله سبحانه فهو منزه عن ذلك فليس للتعليق فائدة.
وقيل: المعنى أن فيه صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه والأول أولى قال ابن عبد البر رحمه الله لا يجوز لأحد أن يقول اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك من أمور الدين والدنيا لأنه كلام مستحيل لا وجه له لأنه يفعل إلا ما شاءه وظاهره أنه حمل النهي على التحريم وهو الظاهر.
وقال ابن بطال رحمه الله في الحديث أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة، ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريمًا.
وقد قال ابن عيينة رحمه الله لا يمنعن أحدًا الدعاء ما يعلم في نفسه يعني من التقصير فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال رب انظرني إلى يوم يبعثون وقال الداودي معنى قوله ليعزم المسألة أن يجتهد ويلح ولا يقل إن شئت كالمستثنى ولكن دعاء البائس الفقر قلت وكأنه أشار بقوله كالمستثنى إلى أنه إذا قالها على سبيل التبرك لا يكره وهو جيد» (١).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنه ذكر رجلًا من بني
(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني ١١/ ١٤٠، ط/ ١، دار المعرفة، بيروت: ١٣٧٩ هـ.