للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسرائيل سأل بعضهم بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال ائتني بالشهداء أشهدهم فقال كفى بالله شهيدًا قال فأئتني بالكفيل قال كفى بالله كفيلًا قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبًا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبًا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر فقال اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلاناً ألف دينا فسألني كفيلًا فقلت كفى بالله كفيلًا فرضي بك وسألني شهيدًا فقلت كفى بالله شهيدًا فرضي بك وأني جهدت أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعكها فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبًا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي أسلفه ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها وجد المال والصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال والله ما زلت جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وحدت مركبًا قبل الذي أتيت فيه قال هل كنت بعثت إلي بشيء؟ قال أخبرك أني لم أجد مركبًا قبل الذي جئت فيه قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف دينار راشداً» (١).

قال بدر الدين العيني رحمه الله: «وفيه أن من توكل على الله فإنه ينصره فالذي نقر الخشبة وتوكل حفظ الله تعالى ماله والذي أسلفه وقنع بالله كفيلًا أوصل الله تعالى ماله إليه وفيه جواز ركوب البحر بأموال الناس والتجارة وفيه أن الله تعالى متكفل بعون من أراد أداء الأمانة وأن الله يجازي أهل الإرفاق بالمال بحفظه عليهم مع أجر الآخرة كما حفظه على المسلف» (٢).


(١) أخرجه البخاري، كتاب: الكفالة، باب: الكفالة في القرض والديون بالأبدان وغيرها، رقم ٢١٦٩.
(٢) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بدر الدين العيني الحنفي ١٤/ ١١٨، ط/ ٢، المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة: ١٩٨٤ م.

<<  <   >  >>