للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستجيب دعاء عبده إن علم فيه الصِّدق، وحسن اليقين به، حتَّى ولو كان في عرف الناس من المستحيلات؛ لأنَّك إن استشعرت بأنَّك تدعو عظيماً قادرًا؛ فإنه سيستجيب لك، حتَّى ولو كان القدر يجرى على خلاف ذلك.

إن الثقة بالله في استجابة الدعاء تجعل المسلم يدعو ربه وهو يعلم أن الله تعالى لا يعجزه شيء، ولا يستعصي عليه شيء قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} (١).

قال ابن كثير رحمه الله: «قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الرسالة: سيروا في الأرض، فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل؟ كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، فخليت منهم منازلهم، وسلبوا ما كانوا فيه من النعم بعد كمال القوة، وكثرة العدد والعدد، وكثرة الأموال والأولاد، فما أغنى ذلك شيئًا، ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء، لما جاء أمر ربك لأنه تعالى لا يعجزه شيء، إذا أراد كونه في السموات والأرض؟ {إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} أي: عليم بجميع الكائنات، قدير على مجموعها» (٢).

وقال الشيخ أبو بكر الجزائري:

«وقوله تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} أي لم يكن يعجز الله شيء فيفوت الله ويهرب منه ولا يقدر عليه بل إنه غالب لكل شيء وقاهر له وقوله: {إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} تقرير لقدرته وعجز كل شيء أمامه، فإن العليم القدير لا يعجزه شيء بالاختفاء والتستر، ولا بالمقاومة والهرب» (٣).


(١) سورة فاطر، الآية: ٤٤.
(٢) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، ٦/ ٥٦٠.
(٣) أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، أبو بكر جابر الجزائري ٣/ ٣٤٨، ط/ ٣، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة: ١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م.

<<  <   >  >>