للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه اصبروا فالمؤمن فيمن قبلكم - وأنتم أحق بالصبر منه - كان يعمل به هذا العمل ويصبر فأنتم يا أمة محمد أمة الصبر والإحسان فاصبروا حتى يأتي الله بأمره والعاقبة للمتقين.

فأنت أيها الإنسان لا تسكت عن الشر ولكن اعمل بنظام وبتخطيط وبحسن تصرف وانتظر الفرج من الله ولا تمل فالدرب طويل لا سيما إذا كنت أول الفتنة فإن القائمين بها سوف يحاولون ما استطاعوا أن يصلوا إلى قمة ما يريدون فاقطع عليهم السبيل وكن أطول منهم نفسًا وأشد منهم مكرًا فإن هؤلاء الأعداء يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» (١).

ولقد وعد مولانا - سبحانه وتعالى - عباده بالسعة بعد الضيق، وبالعافية بعد البلاء، وبالرخاء بعد الشدة، واليسر بعد العسر قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (٢).

قال الطبري رحمه الله: «يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: فإن مع الشدة التي أنت فيها من جهاد هؤلاء المشركين، ومن أوله ما أنت بسبيله رجاء وفرجاً بأن يُظفرك بهم، حتى ينقادوا للحق الذي جئتهم به طوعاً وكرهاً.

ورُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذه الآية لما نزلت، بشَّر بها أصحابه «وقال: لن يغلب عسر يسرين»» (٣).

إن الله عزَّ وجلَّ يخاطب نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بأن العسر لا يخلو من يسر يصاحبه ويلازمه. وقد لازمه معك فعلًا. فحينما ثقل العبء شرحنا لك صدرك، فخفف حملك، الذي أنقض ظهرك. وكان اليسر مصاحبًا للعسر،


(١) شرح رياض الصالحين، الشيخ محمد بن صالح العثيمين ١/ ٤٦، ط/ ١، دار السلام، القاهرة: ٢٠٠٢ م.
(٢) سورة الشرح، الآيتان: ٥، ٦.
(٣) جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ٢٤/ ٤٩٥.

<<  <   >  >>