للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصعب الظروف، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إن العبد في طلب ما ينفعه ودفع ما يضرُّه لا يوجه قلبه إلا إلى الله؛ فلهذا قال المكروب: «لا إله إلاَّ أنت».

ومثل هذا ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: «لا إله إلاَّ الله العظيم الحليم لا إله إلاَّ الله ربُّ العرش العظيم لا إله إلاَّ الله ربُّ السموات وربُّ الأرض ربُّ العرش الكريم» (٢).

فإنَّ هذه الكلمات فيها تحقيق التَّوحيد وتألُّه العبد ربَّه وتعلُّق رجائه به وحده لا شريك له وهي لفظ خبرٍ يتضمَّن الطَّلب. والنَّاس وإن كانوا يقولون بألسنتهم: لا إله إلاَّ الله فقول العبد لها مخلصًا من قلبه له حقيقة أخرى وبحسب تحقيق التَّوحيد تكمل طاعة الله.

قال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (٣).

فمن جعل ما يألهه هو ما يهواه فقد اتَّخذ إلهه هواه أي جعل معبوده هو ما يهواه وهذا حال المشركين الذين يعبد أحدهم ما يستحسنه فهم يتَّخذون أندادًا من دون الله يحبُّونهم كحبِّ الله» (٤).

إن الثقة بالله تعالى في تفريج الكرب ورفع البلاء مما ينبغي أن يكون في اعتقاد المسلم في كل لحظة وكل حين.


(١) سورة الأنعام، الآية: ٨٢.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء عند الكرب، رق ٥٩٨٦.
(٣) سورة الفرقان، الآيتان: ٤٣، ٤٤.
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد، تحقيق: أنور الباز، عامر الجزار، ١٠/ ٢٥٩، ط/ ٣، دار الوفاء: ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م.

<<  <   >  >>