للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأولادها، وثغث الغنم وحملانها، فرفع الله عنهم العذاب، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} (١).

وأما يونس عليه السلام، فإنه ذهب فركب مع قوم في سفينة فلجَّجت بهم، وخافوا أن يغرقوا فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه، فوقعت القرعة على يونس، فأبوا أن يلقوه، ثم أعادوا القرعة فوقعت عليه أيضًا، فأبوا، ثم أعادوها فوقعت عليه أيضًا، قال الله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} (٢). أي: وقعت عليه القرعة، فقام يونس عليه السلام، وتجرد من ثيابه، ثم ألقى نفسه في البحر، وقد أرسل الله، سبحانه وتعالى، من البحر الأخضر - فيما قاله ابن مسعود - رضي الله عنه - - حوتًا يشق البحار، حتى جاء فالتقم يونس حين ألقى نفسه من السفينة، فأوحى الله إلى ذلك الحوت ألا تأكل له لحمًا، ولا تهشم له عظماً؛ فإن يونس ليس لك رزقًا، وإنما بطنك له يكون سجنًا.

وقوله: {وَذَا النُّونِ} يعني: الحوت، صحت الإضافة إليه بهذه النسبة.

وقوله: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا}: قال الضحاك: لقومه، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أي: نضيق عليه في بطن الحوت. يروى نحو هذا عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وغيرهم، واختاره ابن جرير، وقال عطية العوفي: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أي: نقضي عليه، كأنه جعل ذلك بمعنى التقدير، وقوله: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ


(١) سورة يونس، الآية: ٩٨.
(٢) سورة الصافات، الآية: ١٤١.

<<  <   >  >>