للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في العلة والمعنى والأعمال؛ ساووهم في الحكم والوعيد والعاقبة، كما قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد: ١٠]، فأخبر أن حكم الشيء حكم مثله، وكذلك كل موضع أمر فيه بالسير في الأرض فإنه يدل على الاعتبار والحذر أن يحل بالمخاطبين من أفعال الله وأمثلته مثل ما حل بالسابقين! (١).

٣ - ما رواه الإمام البخاري بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا قال: يا نبي الله! يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟! قال: «أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» (٢)، فقاس الإمشاء على الوجه على الإمشاء على الرجلين، إذ قدرة الرب على الفعل الموعود نظير قدرته على الفعل المشهود. يقول ابن حجر: "المراد بالمشي حقيقته، فلذلك استغربوه حتى سألوا عن كيفيته، وزعم بعض المفسرين أنه مثل، وأنه كقوله: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك: ٢٢]، قال مجاهد: هذا مثل المؤمن والكافر. قلت: ولا يلزم من تفسير مجاهد لهذه الآية بهذا أن يفسر به الآية الأخرى (٣)، فالجواب الصادر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهر في تقرير المشي على


(١) انظر: إعلام الموقعين ١/ ١٣٤، ١٣٨، ١٣٩.
(٢) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري: كتاب التفسير، باب الذين يحشرون على وجوههم ٨/ ٤٩٢.
(٣) أي قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: ٣٤]، وهي الآية التي ساق الإمام البخاري الحديث في تفسيرها. انظر: كتاب التفسير، باب الذين يحشرون على وجوههم ٨/ ٤٩٢.

<<  <   >  >>