للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك العقل فإنه يقتضي الإيمان بوجود الله وتوحيده والإقرار بصفات كماله من وجوه متعددة، وطرق متنوعة بحسب متعلقاتها، وما يتعلق منها بالدلالة على صفات الكمال أربعة أدلة:

١ - دليل الأفعال: فإن أفعال الله تعالى آيات بينات على صفات كماله، فالخلق يدل على العلم والقدرة والحكمة والحياة، وإتقان المخلوقات يدل كذلك على علم الرب وحكمته ووضع الأشياء في مواضعها اللائقة، والإحسان إلى العباد يدل على صفة الرحمة، وإكرام الطائعين يدل على صفة المحبة، وهكذا. وقد نبه الله لهذا الدليل بقوله: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: ١٤]. يقول عبد الرحمن السعدي: "كثيرا ما يقرن بين خلقه وإثبات علمه .... لأن خلقه للمخلوقات أدل دليل على علمه وحكمته وقدرته" (١).

٢ - دليل الترجيح والتفضيل: فإن صفات الكمال ثابتة لكثير من المخلوقات فيكون ثبوتها للخالق من باب أولى، لأنه أفضل من خلقه مطلقا، قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: ١٧]، وقال: {اقْرَا وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق: ٣]، أي أنه أفضل وأحق من غيره في الكرم الجامع للمحاسن والمحامد، وهي صفات الكمال، فهو الأحق بالإحسان والرحمة والحكمة والعلم والحياة وسائر أوصاف الكمال المطلق (٢).


(١) تفسير السعدي ١/ ٧٠، ٤٧٣، وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٦/ ٣٥٦، الرسالة التدمرية لابن تيمية ص٣٣، ٣٤، الصواعق المرسلة لابن القيم ٢/ ٤٩١، ٤٩٢.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٦/ ٣٥٧، ٣٥٨، ٣٦٠.

<<  <   >  >>