للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - الاستدلال بالأثر على المؤثر، فإن الله تعالى هو الخالق لذوات المخلوقات وصفاتها وأفعالها، وكل ما فيها من صفات الكمال دليل على صفات الخالق من باب أولى، فقوة المخلوق دليل على أن الله أقوى وأشد، وعلم المخلوق ورحمته وسائر صفات كماله دليل على أن الله أعلم وأحكم وأكمل، لأن من فعل الكامل فهو أحق بالكمال، قال تعالى: {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: ١٥]، فما في المخلوقات من قوة وشدة يدل على أن الله أقوى وأشد، وما فيها من علم وحياة يدل على أن الله أولى بالعلم والحياة (١).

٤ - الاستدلال بانتفاء الوصف على ثبوت نقيضه: فلو لم يتصف الرب بصفات الكمال للزم اتصافه بأضدادها، لأن القابل للضدين لا يخلو من أحدهما، وكل ما يضاد الكمال فهو نقص يناقض الألوهية، ولهذا أبطل الله الشرك بوجود صفات النقص فيما يعبد من دونه (٢). قال تعالى عن الخليل: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: ٤٢]، وقال: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا} [الأعراف: ١٤٨].

وأما دلاله النقل على صفات الكمال فمن ثلاثة أوجه:

١ - ذكر الاسم المشتمل على الصفة: فإن كل واحد من


(١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية ١٦/ ٣٥٧.
(٢) انظر: شرح العقيدة الأصفهانية ص٧٤، ٨٥، ٨٧، مجموع الفتاوى ٦/ ٨٨، الرسالة التدمرية ص١٥١، ١٦٣، ١٦٤، وانظر أيضا: الأدلة العقلية للعريفي ص٣٤٨ - ٣٧٦.

<<  <   >  >>